سيذكر التاريخ بكل فخر وإجلال، المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم، الذي انتقل إلى رحمة الله ورضوانه، سيذكره كأحد القادة القلائل الذين تركوا بصمات واضحة باقية بعد رحيلهم·
فالإنجازات الشاملة والضخمة، والطفرة الاقتصادية المعجزة، التي تحققت خلال عقد ونصف العقد من حكمه لإمارة دبي، والتي انعكست إيجاباً وبقوة على مسيرة النهضة الشاملة لدولة الإمارات العربية المتحدة، لم تكن لتتحقق لولا الأسلوب الفريد الذي انتهجه في حكمه، وهو أسلوب يقوم على رسم الأهداف وتحديدها عبر استشراف المستقبل في خطط تنموية بعيدة المدى ثم ترك التفاصيل والإجراءات والسياسات التنفيذية للمسؤولين عنها ودون تدخل فيها· لقد كان رحمه الله ضابط الإيقاع لعمليات البناء الضخمة التي تولى مسؤولية تنفيذها شقيقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد -أطال الله عمره- بكل اقتدار، وهو خير خلف لخير سلف·
هذا النمط من الحكم الذي يقوم على الأفعال لا الأقوال، على العمل بهدوء بعيداً عن أساليب الشعارات والصراعات والمواجهات الخارجية هو ما نحتاج إليه، وهو ما يحتاج إليه العرب في بناء نهضتهم·
لقد حقق هذا الأسلوب في الحكم وخلال (15) عاماً (معجزة اقتصادية)، وإذا كانت المعجزة اليابانية والنمور الآسيوية استغرقت ربع قرن فإن (معجزة دبي) تحققت خلال فترة أقصر·
سيذكر التاريخ -بكل اعتزاز- جهود المرحوم في معية والده المرحوم الشيخ راشد في تحقيق الحلم الكبير، بناء ونهضة دبي الحديثة، وحلمها الكبير في تحقيق دولة الاتحاد تنفيذاً للحلم الأكبر لباني الاتحاد وقائد المسيرة والمؤسس العظيم المغفور له الشيخ زايد رحمه الله· لقد كان الشيخ مكتوم -رحمه الله- الساعد الأيمن لوالده خلال مرحلة تأسيس الاتحاد، وعهد إليه بمهمات تشاورية عديدة أسهمت في ظهور دولة الإمارات العربية المتحدة، التجربة الوحدوية الفريدة للعرب· لقد كان المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ مكتوم بن راشد -رحمه الله- كما يتحدث عنه عارفوه وقاصدوه، كريماً معطاءً بلا حدود ومن غير منّة أو مباهاة، ما سأله أحد فمنعه، ولم يقصده أحد فرده· كان رحمه الله، شديد التواضع مع الجميع، يحب البساطة في الحياة، يؤثر الهدوء والحكمة في التعامل، ودوداً محباً للناس جميعاً·
رحمك الله -أبا سعيد- وجزاك الله خير الجزاء وأسكنك فسيح جناته، وحفظ الله دولة الإمارات وطناً وقيادة وشعباً من كل مكروه··· (إنا لله وإنا إليه راجعون)·