مصر ودرس الإخوان المسلمين
في مقاله المعنون بـ''مصر ··· بين الإخوان وتقلبات الزمان'' الذي نشرته صفحات ''وجهات نظر'' يوم أمس الأحد الموافق 8 يناير، قال الكاتب خليل علي حيدر إن مشكلات مصر الكبيرة والمتشعبة ''ليست مفاتيحها بيد حزب ديني جامد غامض غير ديمقراطي وغير عصري··· كالإخوان المسلمين''· وفي فقرة أخرى من المقال لاحظ الكاتب نجاح ''الحركة'' في تفريغ العديد من المصطلحات السياسية والقانونية العالمية من محتواها، واستبدالها بمفاهيم انتقائية ماكرة مثل ''الإسلام هو الحل'' وغيرها· أولاً وقبل كل شيء، فإن الذي يحمد للكاتب في مقاله هذا جرأته في النقد والتناول، وتمسكه بالمبادئ الديمقراطية التي لا تدعو لحظر حركة ''الإخوان المسلمين'' أو حرمانها من الممارسة السياسية· بل أذهب أكثر من ذلك للقول إن السبيل الوحيد لهزيمة هذا التيار، هو الديمقراطية وإتاحة الفرصة له للدخول والمنافسة في العملية السياسية· وما حدث مؤخراً في مصر هو درس لابد منه، إن كان لإخواننا المصريين أن يتعلموا درس النفاق السياسي والديني·
أقول هذا استناداً على التجربة السودانية مع حركة الإخوان المسلمين، المتفرعة عن الحركة المصرية الأم· وخلال تجربتين امتدتا بين الأعوام 1983-1985 ثم 1989-2004 رأينا كيف تنقلب الشعارات رأساً على عقب، حين يكون التنظيم في المعارضـة وحين يصل إلى كراسي الحكم· ورأينا كيف يكون نفاق الشعارات وزيفها·
وفي اعتقادي أن أكبر ضرر خلفته تلك التجارب، يقع على الإسلام نفسه، من فرط ما لحق به من تجريح باسم الإسلام السياسي· فما أن تختلط روحانية الإسلام وسماحته بمصالح الحكم والسياسة وشهوة السلطة والمال ومغرياتها ومطامعها، حتى يروح الدين ضحيةً، وتغلب السياسة على نقاء الوجدان المسلم، فتكون النتيجة فساداً عاماً في كل شيء، لا ينجو منه حتى الدين نفسه· لقد نال السودانيون حظهم وتعلموا الدرس جيداً وفهموه ووعوه· وهـــا قـد جاء دور جيرانهم وإخوتهم المصريين، ليصلوا إلى النتيجة ذاتها، بعد ثمن فادح لأصواتهم التي أوصلت هذا التيار إلى دفة الحكم·
الصادق حسين النيّل- السودان