ما حدث من إطلاق نار في منطقة الناعمة جنوبي بيروت بالأمس يطرح الكثير من التساؤلات حول أسباب وقوعه في هذا الوقت بالذات، لا سيما وأن التحركات العربية التي تصب في اتجاه نزع فتيل الأزمة اللبنانية السورية قد نشطت بشكل مكثف في الساعات الماضية لصالح إرساء التهدئة وإنهاء التصعيد·
فجأة ومن دون مقدمات تقوم دورية للشرطة اللبنانية تابعة لبلدية الناعمة بالاقتراب إلى حد الممنوع من حاجز قاعدة فلسطينية معروف مسبقا أنها للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة بزعامة أحمد جبريل ثم تسرع بمغادرة المكان لتتعرض بعدها لإطلاق نار يسفر عن إصابة عنصري الدورية·
المشهد إلى الآن حادث عادي وحله ممكن في الإطار العادي أيضا لا سيما وأن الجبهة سارعت إلى تسليم مطلق النار إلى مديرية الاستخبارات في الجيش اللبناني· لكن ما حدث على الأرض كان غير اعتيادي إذ فجأة خرجت كل المنطقة متظاهرة بشعارات تندد بسوريا وتطالب بنزع السلاح الفلسطيني مقفلة طريق العاصمة-صيدا ورافعة صور رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري الذي اغتيل في فبراير الماضي· كما تجمعت فجأة دعوات سياسيين عمدت إلى صب نيران التصعيد بدلا من العمل على تهدئة الموقف·
لا شك أن قضية السلاح الفلسطيني خارج المخيمات أو قواعد ''الفصائل'' المسلحة مسألة تطلب حلا جذريا، ولكن هذا الحل لا يمكن التوصل إليه من خلال تصعيد هذا الطرف أو ذاك لا سيما وأن الجانبين اتفقا خلال مباحثات مؤخرا على أن لا حل إلا بالحوار وليس بالسلاح الذي لا يجر إلا إلى الفتنة· إضافة إلى أن مثل هذا الحوار غير ممكن فيما الحكومة تعاني من أزمة انشقاق داخلية للأسبوع الخامس على التوالي أحد أبرز أسبابها هو سلاح المقاومة وتبعات القرار الدولي ·1559
ولعل الأسئلة التي تطرح نفسها في ظل هذا الواقع هي التالية:هل ما حدث كان إطلاق نار أم محاولة للعب بالنار؟· ما الذي يدفع شرطيين للبلدية إلى الاقتراب من مكان خطر ليس فيه أي سكان علما أن وظيفتهما هي بالأساس جباية الرسوم؟، وكيف ظهر فجأة كل هؤلاء المتظاهرين ومعهم كل هذه الإطارات التي اشتعلت مقفلة الطريق في يوم عمل عادي؟، وكيف تجمعت كل الأصوات لتفتح دعوات المطالبة بنزع السلاح الفلسطيني فيما رئيس الحكومة ورئيس البرلمان خارج لبنان أساسا لأداء فريضة الحج؟
الجواب بسيط وعادي، وواضح أيضا أنه يعكس إفلاس الغاضبين من الإنجاز العربي النشط لتطويق التوتر اللبناني السوري في إطار البيت العربي، فيما يسعون بكل قوتهم إلى التدويل وهم معروفون من دون الحاجة إلى تسميتهم·