على الرغم من أن التاريخ يكرر نفسه·· إلا أن الكثيرين من الساسة وخصوصا في دول العالم الثالث لا يقرؤونه ولا يتعلمون منه شيئا· فالرئيس الفنزويلي هوجو شافيز، وعلى الرغم من أنه زعيم وطني ينحاز للطبقات الفقيرة في بلاده، ويقف في وجه المصالح البترولية الاحتكارية الكبرى، إلا أنه في نظري قارئ غير جيد للتاريخ· والذي يجعلني أقول ذلك، هو تراشقه المستمر بالكلام مع الولايات المتحدة، وإعلان عدائه الصريح لها، ومحاولته استيراد السلاح من دول أخرى خوفا من قيامها بالاعتداء عليه أو محاولة قلب نظامه، وقيام الولايات المتحدة بالوقوف في وجه محاولاته لاستيراد الســــلاح مثل معارضتها لصفقة شـــراء أسلحــة من أسبانيا أخيـرا·
فالموقف المتوتر بينه وبين الولايات المتحدة يستدعى إلى الذاكرة ذلك الصراع الذي كان قائما في خمسينيات القرن الماضي بين جمال عبدالناصر وبين الأميركيين والذي بدأ برفض الأميركيين إمداده بالأسلحة لدعم ثورته الوليدة والدفاع ضد الغارات الإسرائيلية على حدود بلاده مما دفعه لللجوء إلى الاتحاد السوفييتي لاستيراد السلاح فيما عرف بصفقة الأسلحة التشيكية وهو ما أثار حفيظة الولايات المتحدة التي بدأت منذ ذلك الوقت تدبر الخطط والمؤامرات الرامية لإسقاطه أو حتى اغتياله حتى نجحت في النهاية في جره إلى فخ حرب نكسة حزيران، والتي تبين أنها كانت جزءا من خطة أميركية اسمها ''اصطياد الديك الرومي'' حسب ما كشفت عنه الأوراق السرية الأميركية والتي وجهت ضربة قاصمة لناصر· لو قرأ شافيز هذا الفصل من التاريخ لأدرك أن أميركا تريد استدراجه وتقوم في سبيل ذلك باستفزازه لدفعه للتهور وارتكاب الأخطاء حتى تجد المبررات للإطاحة به، ولكان قد عرف أيضا أنه من الأفضل له ولشعبه أن يعمل بهدوء، وبدون خطب شعبوية، وبدون تعبئة جماهيرية وبدون محاولة مستمرة لاستفزاز الولايات المتحدة، وأن يعمل (مثلما فعل مهاتير محمد في ماليزيا) على تنمية قوة بلاده الاقتصادية وتحسين وضعها على الساحة الدولية حتى يحول دون قيام الولايات المتحدة بتوجيه ضربه تقضي عليه وعلى نظامه الثوري بحجة أنه نظام مارق يهدد الاستقرار الدولي كما فعلت ذلك من قبل بأنظمة شبيهة كانت تبشر بالأمل ولكن تم وأدها في المهد·
فتحي شاهين- عمان