ما توصلت إليه لجنة التحقيق الدولية في مسألة تزوير الانتخابات العراقية من نتائج غير حاسمة لصالح ادعاءات هذا الطرف أو ذاك، يعطي فكرة جيدة عن لا جدوى لجان التحقيق الدولية في قول كلمة فصل في مسائل داخلية وطنية خالصة في العراق أو في غيره، ويكاد يصدق على نتائج هذه اللجنة القول المأثور ''تمخض الجبل فولد فأراً''· فلو افترضنا أن الانتخابات زورت فعلاً فإن من زورها يستطيع تمويه الوضع وترتيبه بشكل ماكر ودقيق وعلى نحو يجعل لجان التحقيق عاجزة عن اكتشاف أية ثغرة فيه، بل سيقدم لها كل شيء مرتباً ومثالياً ووفق ضوابط تراعي الأصول المتبعة في الانتخابات النزيهة· أما في حال عدم تزوير الانتخابات فإن اللجنة ستضيع وقتاً وجهدا كبيرين لتصل إلى تحصيل حاصل· وكان الأحرى بالمجتمع الدولي أن يرسل مثل هذه اللجنة قبل الانتخابات لترى ما يجري رأي العين، ولحظة بلحظة، وعندها كان كلامها سيكون أكثر صدقا ومصداقية· وفي رأيي الخاص -كعراقي- أن حل نقاط الخلاف القائمة بين مختلف الأطراف في بلادنا لا يتم بتدخل اللجان الدولية، بل عن طريق توافق وطني، وتفاهم، وعمل يعلي من قيم الإيثار والأخوة في الوطن قبل أي شيء آخر· أما اللاءات التي يرفعها بعض الساسة العراقيين الآن في وجه تشكيل حكومة توافق وطنية فهي لا تعبر إلا عن عزلة هؤلاء الساسة وإخفاقهم الذريع في قراءة مستقبل العراق الجديد، وما تقتضيه مصلحة أبناء شعبنا من لملمة لجراح الماضي واختصار للزمن للبدء في بناء العراق الحر الديمقراطي، لأننا خسرنا وقتا ثمينا حتى الآن ولم نعد نملك ترف إضاعة وقت آخر في التعبير عن أجندات حزبية ومذهبية ضيقة وقصيرة النظر بكل المقاييس·
نعمان جميل - أبوظبي