- مارك أدموندسون *
الغش الأكاديمي مشكلة كبيرة لها نتائج سلبية على كافة المعنيين بها · هذه هي الجملة الأولى في مقالة نشرت حديثا عن موضوع الغش في الجامعات· بيد أنك كي تحصل على نص المقال كاملا، فإنه سيتعين عليك أن تدفع رسم عضوية لدى موقع إنترنت عنوانه moc.syassEtceriD هو موقع يتيح لمستخدمي الإنترنت - كما يَعِدُ- فرصة الإطلاع على ما يزيد على 101 ألف ورقة امتحان فصلي ومقالة عالية النوعية مقابل دفع 19,95 دولارا شهريا، كما يمكنك كمستخدم أيضا رؤية موقع الإجراءات المضادة للغش بكامله وأشياء أخرى كثيرة بجانبه· وموقع syassEtceriD هو واحد من ضمن المواقع التي تقوم ببيع أوراق الامتحان الفصلية التي يقوم الطلاب بتسليمها على أنها من إنتاجهم ولا زال الموقع يشهد المزيد من الازدهار· وموضوع الغش، وخصوصا الغش على الإنترنت، يتحول تدريجيا ليصبح ممارسة سائدة على نطاق واسع في الجامعات· ويشار في هذا السياق إلى أن هناك دراسة حديثة قد أظهرت أن 38 في المئة من الطلاب الجامعيين، يقومون بممارسة السطو الفكري عن طريق عملية القص واللزق، أي القيام بنسخ جمل بل ربما فقرات كاملة من الإنترنت ثم لصقها داخل أعمالهم· وقد كشف 40 في المئة من الأفراد المشاركين في البحث أنهم قد قاموا بهذه العملية دون إيراد قائمة بالمصادر التي نقلوا منها سواء كانت كتبا، أو جرائد، أو مجلات أو غير ذلك· وتدل هذه الدراسة التي أجريت العام الماضي والتي تضمنت مقابلة ما يزيد على 18 ألف طالب في الكليات والجامعات من كل التخصصات تقريبا، على تنامي ذلك الاتجاه المقلق الذي أصبح يمثل ممارسة سائدة في السلك الجامعي والذي يتضح مدى تفاقمه إذا ما تذكرنا أن دراسة مماثلة قد أجريت منذ ثلاث سنوات، كانت قد كشفت على أن 10 في المئة فقط من الطلاب الجامعيين هم الذين كانوا يقومون بالغش والاقتباس من الآخرين دون الحصول على موافقتهم أو الإشارة إليهم في المصادر· ويرى عدد كبير من الأساتذة الجامعيين أن المشكلة ترجع إلى حد كبير إلى انتشار استخدام الإنترنت، ولذلك انصبت محاولتهم لإيجاد حل لتلك المشكلة على الحلول التكنولوجية· ففي هذا الإطار، تمكن أستاذ للعلوم في الجامعة التي أقوم بالتدريس فيها، من ضبط 45 طالبا متلبسين بالغش عن طريق الإنترنت وذلك من خلال برنامج كمبيوتر فائق الذكاء· وهناك أساتذة آخرون يستخدمون برامج كمبيوتر مخصصة لذلك الغرض مثل برنامج moc.nitinruT وغيره وهي برامج تحتوي على خاصية تتيح لها القدرة على الكشف عن السرقات الفكرية· كل هذا لا يكفي، فأنا لازلت اعتقد أن الأساتذة لا يجب أن يركزوا فقط على الحلول التكنولوجية لمشكلة، أرى أنها تنبع في الأساس من الطريقة التي نقوم بها بأعمالنا· ربما يعطي الازدهار الحالي لظاهرة الغش الإليكتروني للأساتذة وخاصة أساتذة العلوم الإنسانية-على اعتبار أن أساتذة العلوم التطبيقية لديهم وسائل تقليدية لوضع الاختبارات وإجرائها- الفرصة للتوقف قليلا والتفكير، ومن ثم التدريس بطريقة أفضل في النهاية· إنني هنا لا أتحدث عن إجراء الامتحانات نفسها عاما بعد عام -على رغم أن تغيير تلك الامتحانات سيساعد دون شك-، ولكن ما أود قوله هو أن تفشي ظاهرة السرقات الفكرية، يجب أن يجعلنا نفكر فيما يتعين علينا عمله في المقام الأول· إن جزءاً كبيراً مما يطلبه أساتذة المواد الإنسانية من طلابهم في الجامعات يتمثل في إجراء تحليلات، وفي الدراسات الأدبية يميل الأساتذة إلى أن يطلبوا من طلابهم إجراء قراءات متمعنة لأعمال كلاسيكية كبرى · لذلك يجب علينا أن ننمي خاصية الاحتفاء بالكلمات والتمعن فيها واستخراج المعاني المختلفة لها· والشيء المبشر هو أن التركيز على العناية والاحتفاء بالكلمات، قد أصبح اتجاها تتم ممارسته الآن ليس فقط في أقسام اللغة الإنجليزية في الجامعات، ولكن في أقسام أخرى كذلك مثل الفلسفة والدراسات الدينية والتاريخ· يجب علينا أيضا أن نركز كذلك على العديد من الحقول المعرفية الأخرى مثل الوعي بالسياق التاريخي، والعلاقة بين العمل الذي بين أيدينا وبين النظريات المعاصرة وما إلى ذلك· بيد أن الشيء الأكثر أهمية من كل هذا هو ضرورة التركيز على كيفية تعويد طلابنا على القراءة المتعمقة· هذه كلها حلول لا بأس بها، ولكنها مع ذلك ليست كافية· فبقيام الأساتذة بتعليم طلابهم القراءة والأعمال الأدبية، والإنسانيات، فإنهم لا يقومون في هذه الحالة سوى بنصف الوظيفة التي يتعين عليهم القيام بها· فلا يكفي مثلا أن نسأل طلابنا أن يقوموا بتقديم وصف دقيق لتصوير حسي وارد في أحد مقاطع رواية روميو وجولييت لشكسبير، أو لمنظر طبيعي في إحدى قصائد الشاعر الإنجليزي الشهير وردزورث · نحن بحاجة إلى أن نمضي إلى ما هو أبعد من ذلك، في حاجة إلى أن نسأل أنفسنا، ونسأل طلابنا بالتالي فيما إذا كانت مثل تلك الأعمال تقدم لنا حقائق يمكن أن يستفيدوا بها في حياته