محجوب عثمان
على رغم ارتفاع وتيرة التفاؤل بقرب الوصول إلى اتفاق لاحلال السلام في السودان، والذي أعربنا عنه في مقالنا الماضى، على رغم ذلك فإن المحادثات التي تجري بين السيد علي عثمان طه النائب الاول لرئيس الجمهورية والسيد جون قرنق زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان في ضاحية كينية تواصلت حتى تجاوزت أسبوعين من الزمان، وما زالت الاجتماعات مستمرة عند كتابة هذا المقال·
لقد التزم الجانبان الصمت واتفقا على ألا يفصح أي من أعضاء الوفدين لوسائل الإعلام حتى يتم الوصول إلى اتفاق نهائي، وكانت تلك خطوة قصد بها ألا يؤثر النشر غير المكتمل على سير المحادثات·
ولكن القائدين علي عثمان وقرنق خرجا عن صمتهما مساء الاثنين الماضي ليعلنا عن تصورات عامة تصب بدورها في وعاء التفاؤل وتوقع قرب الوصول إلى حل يوقعه القائدان مبدئيا ثم يطرح للوفدين الرسميين عندما يعودان للالتقاء في غضون أيام قلائل· لقد وصف قرنق ما أحرز حتى الآن بأنه (تقدم كبير) وقال: نحن نتحرك في كل القضايا محل الخلاف إلى الأمام بشكل عام · أما نائب رئيس الجمهورية فقد أعلن أن لقاءه بالقائد قرنق عزز الثقة بين الجانبين، ووصفه بأنه وحدوي وأنه ملتزم بسودان واحد وحريص على الوصول إلى تسوية شاملة واحلال السلام، وقال أيضاً: إن ما تم انجازه حتى الآن كان بجهد سوداني خالص ولم يتدخل في الأمر أي من الوسطاء·
إن جملة الساعات التي قضاها الزعيمان في محادثاتهما هذه بلغت اكثر من 20 ساعة على امتداد أسبوعين أو نحوه وقد شمل البحث كل القضايا الشائكة وكان أهمها الترتيبات الأمنية ومنها كيف يتم توزيع القوات المسلحة لكل طرف من الطرفين، الحكومة والحركة خلال الفترة الانتقالية التي ستبدأ فور التوقيع على الاتفاق النهائي وإنهاء الاقتتال·
وهكذا فإن حصيلة كل هذا ستكون اتفاقاً يبرمه طرفان، الحكومة و الحركة الشعبية ويبقى متروكاً لهما ان يقررا القوى السياسية الأخرى التي يلزم أن تشرك في الحكومة الواسعة التمثيل التي سيتم تشكيلها لقيادة السودان خلال المرحلة الانتقالية التي ستستمر لست سنوات يعقبها الاستفتاء على مصير الجنوب·
إن الاتفاق بين الحكومة والحركة أصبح أمراً يتوقع الوصول إليه في أية لحظة ولكن تبقى بعد ذلك قضية أخرى بالغة الدقة والاهمية وهي اتباع سياسة ومنهج قومي خالص في توسيع ماعون الحكم ليشمل كل القوى السياسية ذات الأثر ولا يقتصر الأمر على طرفي الحكومة و الحركة الشعبية فقط· إن الوصول إلى اتفاق للسلام يمكن أن يكون ميسوراً ولكن مواصلة ذلك السلام وتدعيمه والولوج إلى عملية الانتقال إلى حكم الأغلبية البرلمانية كل ذلك هو الرصيد الوحيد لتطبيق اتفاق السلام على أرض الواقع·