الخليج وذكرى 11 سبتمبر
بعد مرور خمس سنوات على أحداث 11 سبتمبر المأساوية ما هو تأثير هذه الأحداث على منطقة الخليج والجزيرة؟ وهل لهذه الأحداث آثار إيجابية على المنطقة بعد مرور خمس سنوات على تفجير الطائرات في نيويورك وواشنطن في عام 2001؟ الأحداث في بدايتها سببت إحراجاً، وظهر في البداية أن المستهدف لم يعد فقط حركات الإسلام السياسي في منطقتنا بل أصبحت سياسات الحكومات نفسها وبرامجها التعليمية وسياساتها المالية مستهدفة أيضاً. فالكثير من القضايا التي طرحها الغرب علينا وطالبنا بالالتزام بها رفضناها في البداية لكننا اليوم نتسابق في تنفيذها خصوصاً في مجال ملاحقة الإرهاب والإرهابيين .
هنالك إيجابيات كثيرة لمصلحة دول الخليج نتيجة مأساة 11 سبتمبر.. اليوم منطقتنا والعالم أصبحا أكثر أمناً واستقراراً بسبب اليقظة والهبة العالمية ضد الإرهاب والمجهود الكبير الذي تقوم به الاستخبارات العالمية في ملاحقة الإرهابيين وتنظيماتهم ومصادر تمويلهم ومنابع تفكيرهم.
التنظيمات الإرهابية فشلت في زعزعة الأمن والاستقرار في الدول العربية القوية مثل مصر والسعودية والأردن والمغرب لكنها حققت بعض النجاح في الدول التي فرقتها الحروب الأهلية مثل الصومال والعراق، ونوعاً ما في لبنان.. ومعنى ذلك هو أن تكون دول الخليج قوية متحدة إذا كانت جادة في محاربة التنظيمات الإرهابية. هل نجحت دول الخليج في محاربة الإرهاب في بلدانها؟ الإجابة على هذا التساؤل ليست سهلة .. صحيح أن هذه الدول نجحت في التصدي للإرهاب على المستوى الأمني حيث تم إحباط كل المحاولات الإرهابية لزعزعة الأمن والاستقرار في كل من السعودية والكويت والبحرين، لكن ثقافياً وتعليمياً فشلت هذه الدول في التصدي لظاهرة التطرف الديني، وهو من الأسباب الرئيسية للإرهاب.. كذلك لم تحقق دول الخليج كل ما تريده في حرب الأفكار والإصلاح الديني وحرب الإصلاح السياسي والاجتماعي وحرب تعزيز الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، وأخيراً فشلنا في حرب السيطرة على منابع تفكير التكفيريين وأوكارهم .
من أهم إيجابيات 11 سبتمبر اكتشاف دول الخليج أن الهدف الرئيسي للمنظمات الإرهابية ليس فقط محاربة الغرب و"نشر رسالة الإسلام"، بل تطمح هذه الجماعات إلى تقويض الأنظمة الحاكمة وتغيير الأنظمة الاجتماعية والاقتصادية وطبيعة الحياة المدنية التي تنعم بها، لتحل محلها دولة المشايخ والملالي.
رغم مرور خمس سنوات على 11 سبتمبر لا يزال الصراع محتداً بين أنصار التقليدية والحداثة، ويمكن التعبير عنه بأن نزاع بين الأصولية التقليدية المحافظة وأنصار المدنية والتحضر والتفكير الحر هو بالأحرى صراع بين القوى التي تريد الإبقاء على الأمور كما هي دون تغير جوهري وبين القوى الجديدة في المجتمع التي تطمح للتقدم والرقي والمدنية والانفتاح على الآخر.. الأنظمة الخليجية لم تحسم توجهاتها بشكل واضح.. فهي اليوم تواجه تحدياً جديداً تحاول فرضه قوى الإسلام السياسي والداعي إلى "أسلمة" الدولة الوطنية الحديثة أي إضفاء الصبغة الدينية على هياكلها المؤسسية البيروقراطية.. بمعنى آخر أن تصبح مرجعية الدولة بيد رجال الدين وليس الشعب أو الأمة.