يناقش الكونجرس الأميركي قانون محاسبة سوريا وسيادة لبنان كنوع من الضغط على سوريا لقبول المطالب التي تريدها الولايات المتحدة منها، مثل تشديد المراقبة على الحدود السورية-العراقية ووقف دعم المنظمات الفلسطينية التي تخطط لعمليات ضد إسرائيل انطلاقاً من الأراضي السورية، كذلك وقف الدعم عن حزب الله اللبناني·
يبدو أن الولايات المتحدة جادة هذه المرة في فرض حصار سياسي واقتصادي ضد سوريا لإرغامها على قبول شروطها التي يراها العرب بأنها تعسفية-امبريالية ومحاولة إرضاء أعوان إسرائيل والصهيونية العالمية·· بينما تراها الولايات المتحدة ضرورية لتحقيق السلام في المنطقة·
مما لا شك فيه أنه لا يوجد أي تكافؤ بين قوة سوريا والولايات المتحدة·· فسوريا وإن أرادت أن تقبل الشروط الأميركية فإن ذلك شبه مستحيل بسبب طبيعة النظام السوري· فسوريا تخضع لنظام الحزب الواحد الذي حكم البلاد فترة طويلة من خلال إحكام السلطة بيد الحزب، حتى أصبح الرئيس ورئيس الوزراء ومعظم الوزراء والنواب من حزب البعث · حزب البعث الذي يهيمن على مؤسسات الحكم والاقتصاد ومؤسسات الدولة كلها، لا يمكن أن تقبل قيادته التغييرات التي تريدها الولايات المتحدة·
الرئيس السوري الذي وعد بإجراء الإصلاحات السياسية والاقتصادية عندما استلم السلطة يبدو أنه عاجز اليوم عن إجراء الإصلاحات التي وعد الشعب بها، وهي إطلاق الحريات وفتح الاقتصاد والسماح بالتعددية الفكرية والحزبية· الإصلاحات الداعية إلى تغيير الدستور وفرض دولة القانون وإطلاق الحريات الديمقراطية وتخلي الدولة عن النهج الاشتراكي وهيمنة الدولة على الاقتصاد·
المعضلة التي تواجه سوريا اليوم هي أن الرئيس الذي يتعرض إلى ضغوط داخلية وخارجية لإجراء التغييرات المطلوبة يبدو أنه غير قادر على تحقيقها بسبب وجود الحرس القديم الذين يتوزعون في كل مؤسسات الدولة وهياكلها، ليس من مصلحة هذه القوى الاستبدادية التخلي عن دورها ومصالحها من أجل التغيير في سوريا·
اليوم سوريا أمام تحدٍ جديد، إما أن تقبل التغيير المفروض عليها أو يتعرض البلد إلى حصار اقتصادي وسياسي·· هل يبقى النظام السوري القديم على عجزه المطلق عن القيام بواجباته الإصلاحية والتنموية؟
ماذا يحدث في حالة تجاهل سوريا للمطالب الأميركية؟ هنالك احتمال كبير أن تفرض الولايات المتحدة حصارها الاقتصادي والسياسي ضد سوريا بعزلها عالمياً والضغط عليها لقبول مبدأ مغادرة قواتها للبنان·· لذلك من الأفضل لسوريا أن تقبل بإجراء التغييرات المطلوبة داخلياً، وإذا لم يحدث ذلك فإن التغيير قد يأتي من الولايات المتحدة خارجياً مثلما حدث في العراق إبان عهد صدام حسين·
ماذا ستكون مواقف الحكومات والشارع العربي ضد التهديدات الأميركية لسوريا؟ الدول العربية بوضعها الحالي غير قادرة على دعم سوريا عملياً، لكن تبقى الشعارات والتنديدات والاحتجاجات جاهزة، لكن بدون أي دعم عملي لسوريا·· الأحزاب والحركات السياسية العربية القومية منها والإسلامية سوف تكتفي بالتظاهرات والاحتجاجات ورسائل التنديد، لذلك نأمل أن تحل سوريا مشكلاتها مع أميركا ودياً قبل فوات الأوان·