إحدى قضايا اللامعقول السياسي في العلاقات الدولية، والتي أصبحت أمرا مألوفا يكاد لا يثير أي تساؤل جدي وعلني؛ هي هذه السياسة العجيبة التي تتبناها الوكالة الدولية للطاقة الذرية تجاه مجموعة من الدول بعينها· ولنقل صراحة دول العالم الإسلامي تحديدا، حيث يبدو كما لو أن وكالة الطاقة إنما تم إنشاؤها لمحاسبة هذه الدول على مجرد ما يفترض أنه نوايا لديها للتزود بالطاقة الذرية ذات الاستخدامات السلمية·
فقد فرضت الوكالة نظاما رقابيا وتفتيشيا شاملا على العراق طوال 12 عاما الماضية، وهي رغم ذلك كانت على اطلاع تام بأن العراق تخلص من جميع مكونات مشروعه النووي وبرنامجه الصاروخي اللذين أعد لهما في أواخر الثمانينيات، كما اعترف هانس بليكس بذلك مؤخرا، وقد أشار إليه فعلا في تقرير وجهه عندما كان على رأس المنظمة إلى مجلس الأمن الدولي عام ·1996 لكن خليفته محمد البرادعي ظل يقدم تقاريره بما يفيد توجيه تهم إلى العراق بحيازة أسلحة نووية، وهذا في الوقت الذي كانت الولايات المتحدة تبحث عن مبرراتها لغزو العراق· وبالفعل لم يشأ البرادعي أن يقول علنا حقيقة يعلمها العالم جميعا، وربما كانت ستحول دون الغزو الأميركي؛ وهي أن العراق خال من أسلحة الدمار الشامل·
وما أن انتهت مهمته في العراق بسقوط النظام السابق، حتى أسرع البرادعي ليضع ملفات اتهام أخرى كبيرة حول إيران· لكن في الوقت الذي تنفي فيه إيران وجود أي برنامج نووي عسكري لديها، وتعلن إسرائيل امتلاكها فعلا مثل ذلك البرنامج، فان وكالة البرادعي تفضل ملاحقة إيران، وليس إسرائيل، بل تبدي تراخيا حيال كوريا الشمالية أيضا· فما هي حكمة ذلك يا ترى؟
عبد الله عمر- سوريا