هل يمكنكم تخيُّل السيناريو التالي: شركة أميركية لصناعة السيارات تتفوق على منافساتها اليابانية عبر ابتكار سيارة مهجنة تشتغل بالجازولين والكهرباء وتستطيع قطع 150 ميلاً بجالون واحد من الوقود، كما يمكنها أن تجري 40 ميلاً بقوة البطارية لوحدها؟ لقد أعلنت شركة "جنرال موتورز" عن هذه الإمكانية عندما كشفت النقاب، قبل بضعة أيام، عن "تشيفي فولت"، وهو مخطط جديد لسيارة تتوفر على محرك كهربائي كبير. وفي حال شُرع في تصنيع هذه السيارة، يتوقع الخبراء أن تدفع الشركةَ المصنعة التي تعاني مشاكل عدة إلى تصدُّر الجيل المقبل لتكنولوجيا السيارات؛ إلا أنه من أجل الفوز في هذا السباق، يتعين على "جنرال موتورز"، أن تفوز في سباق آخر، ألا وهو سباق شركات صناعة السيارات المحتدم على ابتكار نوع جديد من البطاريات. أما فوائد هذا المسعى فكثيرة ومتعددة؛ ذلك أن من شأن سيارة مهجَّنة أقوى أن تقلل اعتماد الولايات المتحدة على النفط، وتحد من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري، إضافة إلى أنها ستمنح دفعة قوية لشركات صناعة السيارات التي توصلت إلى هذه التكنولوجيا المفيدة. وفي هذا الإطار، يقول "توم جيج"، رئيس "إي سي بروبالشن"، وهي شركة تزود السيارات المهجَّنة بقطع الغيار: "ما يحدث في حالة شركة جنرال موتورز هو أنها تراهن على البطاريات"، مضيفاً "ثمة سباق حقيقي جارٍ لا يقتصر على شركتي جنرال موتورز وتويوتا فحسب؛ وإنما يشمل جميع شركات صناعة السيارات التي باتت تدرك أهمية تكنولوجيا البطاريات". وقد طلبت أكبر ثلاث شركات لصناعة السيارات في الولايات المتحدة من الحكومة الفيدرالية الأسبوع الماضي تمويل برنامج لتطوير البطاريات تبلغ تكلفته 500 مليون دولار ويمتد على مدى خمس سنوات. ودعماً لمقترحها، أفادت بعض التقارير الصحفية أن "جنرال موتورز" و"فورد" و"ديملر كرايسلر" قدمت للبيت الأبيض دراسة تشير إلى تخلف الولايات المتحدة عن اليابان في ما يخص تطوير البطاريات. ويقول الخبراء إن السباق يتمثل في بحث الشركات عن تكنولوجيا قادرة على تزويد السيارة بما يكفي من الطاقة لقطع أربعين ميلاً، وتفريغ معظم شحنتها، على أن يعاد شحنها آلاف المرات، بشرط أن تكون التكنولوجيا جديرة بالثقة إلى درجة يمكنها أن تحمل ضمانات مقابل 150000 ميل و10 سنوات. ولهذا الغرض، تركز معظم الأبحاث الحالية على بطاريات "الليثيوم- أيون"، المستعملة في الهواتف النقالة والحواسيب المحمولة. وتعد "تويوتا" و"جنرال موترز" أكبر المتسابقين في سباق البطاريات وأبرزهم؛ فإلى جانب مخطط سيارة "فولت"، الذي تم الكشف عنه، تعتزم "جنرال موتورز" تقديم نسخة جديدة من سيارات "ساتورن" المهجَّنة. ومن المرتقب أن يحتوي النموذجان على بطاريات من النوع الذي يشحن، أي أنه خلافاً لـ"بريوس"، فإن الشركة ستستعمل بطاريات أكبر حجماً وذات مقبس كهربائي لإعادة الشحن. وفي هذا السياق، أعلنت "جنرال موتورز"، قبل كشفها عن مخطط "فولت" بيومين، عن إبرام شراكتين مهمتين بخصوص تطوير البطاريات، واللتين ستدشنان تنافساً بين التكنولوجيات الموجودة حالياً بحثاً عن التكنولوجيا الأفضل. يذكر أن التنافس في سباق البطاريات هذا بدأ منذ مطلع عقد التسعينيات عندما كشفت "جنرال موتورز" عن سيارتها الكهربائية "إي في 1"، التي كانت تستعمل بطاريات الرصاص قبل أن تنتقل لاحقاً إلى بطاريات النيكل المهجَّنة التي تعد أقوى وأخف، وتستعملها أيضاً سيارة "بريوس" التي ظهرت في أواخر التسعينيات. غير أن السيارات المهجَّنة ذات البطاريات القابلة للشحن تستعمل محركات كهربائية أكبر (ومحركات وقود أصغر) مقارنة مع السيارات المهجَّنة الحالية. وهو ما يفسر تركيز البحوث على إيجاد مصدر طاقة جديد مثل بطاريات "الليثيوم-أيون"، التي توفر نحو ضعفي الطاقة التي تنتجها بطاريات "النيكل" المهجَّنة المستعملة اليوم وتزن نصف وزنها. ومن المرتقب أن تقدم قريباً الشركتان، اللتان تعاقدت معهما "جنرال موتورز" في إطار الشراكتين سالفتي الذكر، بطاريات منافسة من "الليثيوم-أيون" لـ"جنرال موتورز" قصد إجراء اختبارات هندسية عليها. كما يقال إن "تويوتا" أيضاً تركز على تكنولوجيا "الليثيوم". ويرى بعض الخبراء أن الطريق مازال شاقاً وطويلاً؛ إذ يقول "وولتر ماكمانوس"، من "معهد بحوث النقل" التابع لجامعة "ميتشيجان"، إن "موضوع البطارية مشكلة حقيقية"، مضيفاً "ذلك أن التكنولوجيا ليست موجودة بعد. والأمر لا يتعلق بتسويق شيء موجود أصلاً، إنه أكثر تعقيداً من ذلك بكثير". فبداية، يرى الخبراء أن العراقيل الهندسية كثيرة ومتعددة. وفي هذا الإطار، تقول "آن ماري ساستري"، الخبيرة في البطاريات وأستاذة الهندسة الميكانيكية بجامعة ميتشجان: "إن القول بأن تكنولوجيا البطاريات القابلة للشحن جاهزة اليوم يشبه القول إننا نتوفر على التكنولوجيا اللازمة لإقامة مستوطنة في القمر"، مضيفة "كما أن تناسق النظام واشتغاله أمر معقد، ومازالت ثمة صعوبات علمية كثيرة؛ فالأمر لا يتعلق بمجرد وضع أجزاء بعضها مع بعض". أما التحدي الآخر فيتعلق بالتكلفة؛ ذلك أن سعر السيارات ذات البطاريات الكبيرة القابلة للشحن سيكون أعلى من السيارات المهجَّنة الحالية. وفي هذا الإطار، يرى "ديفيد أندريا"، نائب رئيس القسم الهندسي في شركة "هايبريد بلاس"، وهي واحدة من الشركات التي تحول السيارات المهجنة إلى سيارات ذات بطاريات "الليثيوم- أيون" القابلة للشحن: "أن الأمر مكلف جداً اليوم، فحالياً لا يقوم بذلك سوى الرواد من مثل الحكومة والأشخاص الذين يؤمنون بضرورة إحداث التغيير"، مضيفاً: "غير أن ذلك سيتغير بعد أن ينخفض سعرها". مارك كلايتن ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ كاتب أميركي متخصص في الشؤون العلمية ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"