قرار وزارة التربية والتعليم اختصار الفترة المخصّصة لامتحانات الثانوية العامة من أكثر من أسبوعين إلى أسبوع واحد، وذلك في إطار زيادة عدد الأيام الفعليّة للدراسة، ربما يبدو خبراً عادياً، ولكن سيل ردود فعل القرّاء في إحدى الصحف المحلية، والتي اتفقت جميعها على نقد هذا التوجه استوقف الكثيرين لأن قراءة هذه الردود تشير إلى غضب دفين داخل الميدان، الذي لا تملُّ الوزارة من التأكيد بأنه بوصلة قراراتها وأنها تأخذ آراءه في الاعتبار. هذا الموضوع يذكرنا باستشارة المناطق التعليمية، مؤخراً، في جدول امتحانات الثانوية العامة، والذي طلبت الوزارة البتَّ فيه، في غضون 24 ساعة فقط، ما أثار حفيظة بعض مديري المناطق التعليمية ودفعهم إلى التعبير عن غضبهم للصحف. ضمن تعليقات القرّاء على الخبر الخاص بوجود اتجاهٍ نحو اختزال أو اختصار فترة امتحانات الثانوية العامة اتفق الجميع على انتفاء الخطط والتخطيط مستشهدين بما حدث في العام الدراسي الحالي من غيابات إجبارية للطلاب بسبب الاستعداد للامتحانات في منتصف العام، ورأى بعض القرّاء أن الوزارة غائبة عن الميدان، وأن الحوار والتنسيق مغيّبٌ تماماً بين أطراف العملية التعليمية، وأن القرارات تتخذ من دون استشارة أهل الميدان. هناك شواهد تؤكد أن هناك قصوراً في التخطيط، ولاسيما فيما يتعلق بملف الثانوية العامة، الذي تحوّل إلى "كعب أخيل" للوزارة، التي اختزلت كل هموم التعليم وإشكالياته الهيكلية في عام الثانوية العامة. تطوير التعليم وخططه ينصب في معظمه على الثانوية العامة فقط، فعندما انتقد الكثيرون الوزارة وطالبوا بتطبيق "نظام التقويم الجديد للثانوية العامة" بشكل مرحلي يبدأ من الصف العاشر كي يؤتي ثماره الفعلية، اتّهمت الوزارة هؤلاء بعدم الإلمام بأنظمة التعليم، وقالت إن نظام التقويم مطبّق بالفعل من بداية المرحلة الثانوية، ثم عادت الوزارة نفسها لتعلن، في مارس الماضي، تشكيل فرق عمل متخصصة لتطبيق منظومة التقويم الجديدة على طلبة وطالبات الصفين العاشر والحادي عشر ابتداء من العام الدراسي 2007- 2008 وذكرت مصادر داخل الوزارة أن "الوزارة تتجه إلى هذا التغيير لتدريب الطلاب على الأنظمة المتطوّرة للامتحانات وسبل التعامل السليم مع أدوات التقويم وخاصة تلك التي تعرضت لملاحظات من جانب الطلبة وأهمها المشروعات والتقارير والبحوث"(!!) هذا الكلام يؤكد من دون مواربة أن الوزارة بدأت التطوير من قمة الهرم لا من قاعدته وأنها وضعت العربة قبل الحصان وأن حديثها عن أن نظام التقويم مطبّقٌ بالفعل في التدريس غير صحيح وهذه بحدِّ ذاتها مسألة تستحق وقفة جدية. وسط هذا الكمِّ من الضبابية يتصدر إحدى الصحف المحلية عنوان عريض لافت للنظر يقول نصاً "وزارة التربية: مدارس العام المقبل عالمية"، وهكذا تمضي الأمور بين تصريحات ترسم صورة وردية وواقع يتحفظ عليه غالبية أهل الميدان، والحلُّ ربما يبدأ من الحوار المجتمعي الحقيقي الذي يفرز رؤية تعليمية متكاملة لا تختزل نظامنا التعليمي في تطوير الثانوية العامة، رغم الاعتراف والتأكيد على أهمية التخلص من شبح هذه الشهادة، ولكن المفترض ألا نستبدل قلقاً بقلق وألا نتحدث عن بحوث وتقارير ومشروعات بينما يعترف بعض المدرسين بافتقارهم إلى الإلمام بقواعد البحث العلمي، وفي الوقت ذاته يشير الواقع إلى تجارة رائجة للبحوث والمشروعات الجاهزة وأن هناك "ورشاً" باتت متخصصة في تصنيع مشروعات الطلاب والطالبات(!!). عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية