هل أنتم مستعدون أيها الطلاب لحل هذا اللغز؟ سألقي عليكم بالسؤال وستخبرونني أنتم عمن أثاره، ولماذا هو سؤال مهم؟ والآن إليكم السؤال: سيدي الرئيس إلى أي مدى ترى نفسك بيئياً؟ وما الذي فعلته إدارتك على وجه التحديد، من أجل تحسين أحوال هواء بلادنا وإمداداتها من المياه؟ ولكي نكسب الوقت فمن الأفضل أن أوفر عليكم الإجابة لأنكم لن تتوصلوا إلى الإجابة مطلقاً. فلقد كان السائل هو "جيمس هب" وقد كان مواطناً من عامة الحضور للحوار الرئاسي الثاني الذي دار بين جورج بوش ومنافسه "الديمقراطي" جون كيري بجامعة واشنطن بمدينة سانت لويس، في الثامن من أكتوبر من عام 2004. ومن هنا ننتقل إلى الجزء الثاني المتعلق بمدى أهمية السؤال. وتنبع أهميته من كونه السؤال الوحيد المباشر الذي قدم إلى الرئيس بوش بشأن سياسات إدارته في مجالي الطاقة والبيئة، في أي من الحوارات الرئاسية الثلاثة التي شهدها عام 2004. وإنه ليصعب على المرء اليوم ابتلاع علقم الصمت الإداري الذي يلف هذه القضايا. وبعد فهل من عجب أن نفتقر إلى الآن لأي من السياسات الجادة في مجال الطاقة هذه؟! وبالطبع فإنه لم يعد ثمة مجال لنا لتكرار هذا الخطأ الكارثي. وقد أصبح لزاماً علينا إجراء حوار "أخضر" في الدورة الانتخابية المقبلة، على أن يكرس بكامله لمناقشة قضايا الطاقة والبيئة. وعليه فإنني أقترح أن يجرى هذا الحوار في التاسع عشر من أغسطس المقبل، في جامعة تاليون بمدينة نيوأورليانز، لكونه يصادف مرور الذكرى الثانية لإعصار كاترينا المدمر. وميزة ذلك التاريخ أنه يمنح المرشحين، "الديمقراطيين" و"الجمهوريين" منهم على حد سواء، فترة فصل الصيف كله لتحديد مواقفهم ورؤاهم، بينما يمنح الناخبين موسم الخريف كله للحكم على تلك المواقف وتقييمها قبل إدلائهم بأصواتهم في الجولة الأولية من الانتخابات، المتوقع إجراؤها في فبراير من العام المقبل. ومن المستحسن أن توجه الأسئلة المنفصلة لكل مرشح على حدة، حتى يتمكن الناخبون "الديمقراطيون" و"الجمهوريون" من تركيز أصواتهم ومواقفهم على مرشحيهم الأساسيين. ومن الواجب إجراء هذا الاستجواب بواسطة لجنة مؤلفة من ثلاثة أشخاص، أحدهم عالم مناخي، والآخر مستثمر في مجال الطاقة، بينما ينبغي أن يكون الثالث طالباً بإحدى الكليات، طالما أن الشباب هم الفئة الأكثر تأثراً في المستقبل بمضار الإحماء الشامل. وليس في وسعنا إفساح المجال لمزارعي ولاية "أيوا" من مروجي غاز الإيثانول، لتحديد سياساتنا الخاصة بالطاقة، عند إجراء الجولة الانتخابية الرئيسية في الولاية. والسبب هو أن كل الذي كان لنا من أمر هذه السياسات، هو سياسة الطاقة وليس سياساتها. وهذا هو عين السبب الذي يفسر كل هذه الفوضى العارمة التي تعم نظم ومعايير وموارد طاقتنا القومية. "فقد بدأت حركة جديدة لحماية البيئة هنا، ولذلك فإن أشد ما يحتاجه المواطنون، اقتصاد جديد قائم على الطاقة" ذلك هو ما قاله لي، السيد كارل بوب، مدير "نادي سييرا". ومضى المتحدث مستطرداً: لكن ولكي نبلغ ذلك المدى، فإن علينا أن نرغم السياسيين على التفكير الجاد في التحول نحو "الخضرة"، باعتبار ذلك جزءاً لا يتجزأ من استراتيجية أمننا القومي. وهو يمثل في الوقت ذاته الخطة "باء" لانسحابنا من العراق، مع مواصلة دفعنا لخطى الإصلاح في الشرق الأوسط في ذات الوقت، فضلاً عما يوفره لنا من فرص اقتصادية هائلة، ووسيلة لاستعادة المكانة القيادية العالمية التي عرفت بها أميركا، إلى جانب كونه إجابة شافية على الأسئلة والتحديات الصعبة التي يثيرها التغير المناخي. وطالما أن التصدي لهذه القضايا جميعاً يتطلب فرض ضريبة الكربون، أو نظاماً تجارياً- بيئياً، أو فرض معايير الميل واستهلاك الطاقة، أي أنه يتطلب تضحية ما، فإنه لابد للمرشحين من إثارة هذه القضايا في حملاتهم الانتخابية، حتى يتسنى لهم العمل عليها، فيما لو تم انتخابهم. ولعل هذا هو ما شجع مجموعة من الإداريين البيئيين من بينهم أندرو شابيرو، مدير مؤسسة "جرين أوردر" وجيسي فينك، من "مارشال ستريت مانجمنت" على إنشاء موقع إلكتروني للتو، بهدف استضافة المنتديات الفكرية الإلكترونية، حتى يتمكن الناخبون من الحكم على مواقف مختلف المرشحين، إثر إجراء الحوار البيئي الانتخابي الأخضر، ومن ثم الإدلاء بأصواتهم للمرشح الذي يتثبتون من جديته. ومن وجهة نظر "شابيرو" فإن انتخابات 2008 الرئاسية، ستوفر الفرصة الأولى من نوعها في التاريخ الأميركي الحديث، التي يتمكن خلالها المرشح الرئاسي، من إحداث طفرة جديدة في مجال القضايا الانتخابية، اعتماداً على مفهوم "الاستدامة البيئية". هذا وقد كشفت دراسة جديدة نشرت نتائجها الأسبوع الماضي، وأجرتها شركة "جرينبرج" لأبحاث الرأي، وقد أجريت لصالح "مركز التقدم الأميركي" -وكلتاهما مؤسستان "ديمقراطيتان"- عن تأييد أغلبيات كبيرة، بلغت نسبتها 59 في المئة بين المستقلين، و76 في المئة في أوساط "الديمقراطيين"، بدء العمل الآن من أجل وقف خطر الإحماء الشامل، ولتحقيق استقلال أميركا في مجال الطاقة. ويجدر بالذكر أن نسبة "الجمهوريين" المؤيدين لهذه الأجندة، بلغت هي الأخرى 41 في المئة. ولم تتجاوز نسبة الذين يرون أن سياسات الطاقة الأميركية تمضي في الاتجاه الصحيح، 27 في المئة فحسب، مقابل أغلبية تبلغ نسبتها 65 في المئة، ترى شطط سياسات بلادنا في مجالي الطاقة وحماية البيئة. وقد صح رأي هؤلاء، إذ أن أكبر عجز تعانيه أميركا في مجال الطاقة اليوم، هو الطاقة السياسية القادرة على القيادة والتصدي لهذه القضايا. وليس من سبيل لتجاوز هذا العجز سوى بإثارة قضايا "الخضرة" إلى أعلى قائمة القضايا الانتخابية وأولوياتها، بما يجبر جميع المرشحين الرئاسيين على إثارتها، وتحديد مواقفهم منها. توماس فريدمان ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ كاتب ومحلل سياسي أميركي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "نيويورك تايمز"