"فتح الإسلام" والخليج
استمرت الأحداث الدموية بين الجيش اللبناني وتنظيم "فتح الإسلام" الإرهابي للأسبوع الثاني... مما يشكل خطورة ليس على لبنان الشقيق بل على كل دول المنطقة.
ما يهمنا في هذا التنظيم هو نجاح بعض الأنظمة العربية والإقليمية في خلق تنظيمات سياسية تحت غطاء ديني قوي باستغلال الدين الإسلامي أو القضية الفلسطينية لأغراض سياسية الهدف منها حشد الشباب العربي والمسلم واستغلالهم لتحقيق حالة من الفوضى وعدم الاستقرار والقلاقل في بعض الدول العربية المعتدلة والمستقرة سياسياً.
ما هي المخاطر المتوقعة على دول الخليج من جماعة "فتح الإسلام" الإرهابية؟ أولاً: الخطر الأكبر من مثل هذه التنظيمات ينبع من حقيقة أن بعض الشباب الخليجي والعربي المغرر بهم ينجرف وراء الدعوة "الجهادية" في العراق... بعض الحكومات الإقليمية تقبض على البعض منهم وتحتجزهم في معسكرات، وكان من المفترض أن تسلمهم إلى دولهم، لكن ما يحدث هو أنه يتم تسريبهم إلى معسكرات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ويتم هناك تدريبهم وإعدادهم للصراعات الإقليمية مثل الصراع القائم في لبنان، حيث يتم استغلالهم لخلق حالة من الفوضى وعدم الاستقرار هناك خصوصاً في أشهر الصيف لتخريب السياحة في لبنان، وإيصال رسالة للحكومة اللبنانية بعدم اللجوء إلى مجلس الأمن وإقرار المحكمة الدولية.
ثانياً: الخطورة في موضوع "فتح الإسلام" هو أن المفاوضات الدائرة طوال الأسبوع الماضي بين التنظيم والحكومة اللبنانية تتمحور حول كيفية إخراج هؤلاء الشباب العربي –والخليجي- من المعسكرات سالمين دون أن يتم إخبار حكوماتهم بوجودهم، أو الإعلان عن أسمائهم، مما قد يؤدى إلى تسرب هؤلاء الشباب إلى بلدانهم مرة أخرى، والبدء في عمل خلايا جديدة تمهيداً لعمليات إرهابية انتحارية جديدة مما يقوض الأمن والاستقرار في المنطقة.
ثالثاً: هنالك خطورة في حقيقة أن بعض الأنظمة العربية لديها الاستعداد للتعاون والتنسيق مع "القاعدة" لإحراج بعض دول الخليج المعتدلة، ولا أحد يعرف إلى أي مدى سوف تستمر هذه الأنظمة في عملية التخريب.. فيخطئ من يظن أن جماعات كـ"فتح الإسلام" تقتصر أنشطتها وعملياتها على إشاعة حالة عدم الاستقرار في لبنان... الهدف الرئيسي للتنظيمات الإرهابية الإسلامية هو إثارة حالة عدم الاستقرار في المنطقة ككل خصوصاً الأنظمة العربية والخليجية المعتدلة.
من المفارقات الغريبة أن الأنظمة الخليجية خصوصاً في الوقت الذي تشتد فيه حملتها ضد الإرهاب والمتطرفين من أنصار "القاعدة" نجد أن بعض الأنظمة العربية والإقليمية يتردد القول إنها تدرب وتهيئ الإرهابيين من أهل المنطقة لعمليات إرهابية... في النهاية لا نتصور أن تنظيم "فتح الإسلام" بحد ذاته يشكل خطراً على دول الخليج، لكن استغلاله لتدريب الشباب الخليجي لعمليات إرهابية مستقبلاً هو الخطر الحقيقي.
د. شملان يوسف العيسى