في نهاية عصر الاقتصاد الموجَّه والشركات الحكومية الضخمة المملوكة للدول، باتت المشروعات الصغيرة والمتوسطة الناجحة بمنزلة المحركات الأساسية الدافعة للتنمية الاقتصادية، ولنمو الدخل، من خلال ما توفره من فرص للعمل، وما تشجع عليه من ابتكار وإبداع ورفع للإنتاجية، وبما تؤديه كذلك من بثّ روح الحيوية والكفاءة، في أوجه النشاط الاقتصادي كله، بما يؤدي في النهاية إلى رفع معدلات النمو الاقتصادي بالدولة، وتعميق إسهاماتها المتعددة في أنشطة الاقتصاد العالمي بشكل شامل، حيث أصبح هذا النوع من المشروعات يمثل أكثر من 98% من مجموع المؤسسات العاملة في معظم دول العالم. من هنا جاء اهتمام دولة الإمارات بتذليل العقبات والصعوبات كافة التي تعترض مسيرة هذا النوع من المشروعات، وتوفير العوامل والشروط كافة اللازمة لنجاحها. بالأمس بدأ (صندوق الشيخ خليفة لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة) استقبال طلبات التسجيل للاستفادة من برامج الدعم المطروحة للمواطنين، حيث يقدم الصندوق دعماً مالياً وفنياً وإدارياً كبيراً من خلال أربعة محاور أساسية تتمثل في: توفير قروض ميسّرة، لتمويل المشاريع تصل إلى مليون درهم، وتأسيس صندوق للاستثمار والمساهمة في رؤوس أموال المشاريع التي لا يمكن لأصحابها توفير كامل الحصة المطلوبة منهم للحصول على القروض اللازمة، وتأسيس حاضنات أعمال لفترات محددة، وطرح أفكار لمشاريع استثمارية مجدية. بعد أن ظلت المشروعات الصغيرة والمتوسطة تواجه، طيلة السنوات الماضية، العديد من الصعوبات والمعوّقات على الصعيد المحلي، وفي مقدمتها التمويل، في ظل تردّد البنوك المحلية بمنح هذه المشروعات قروضاً ائتمانية، ما يدفعها للاعتماد على التمويل الذاتي، وهي بذلك تعمل في حدود الإمكانات المادية المتاحة لها، ينتظر أن يلعب (صندوق الشيخ خليفة)، الذي يبدأ بمبلغ مبدئي يصل إلى 300 مليون درهم، دوراً محورياً في حل مشكلة نقص التمويل والتدريب والخبرات التي تواجه المستثمر الشاب، بما يتفق مع سياسات الدولة الاقتصادية الرامية إلى تنويع مصادر الدخل، وتوسيع قاعدة النشاط الاقتصادي بعيداً عن النفط، وفتح مجالات استثمارية واسعة لرأس المال الوطني وللمواطنين على حدّ سواء. واستكمالاً للدور الكبير الذي ينتظر أن يلعبه هذا الصندوق، حيث أثبتت تجارب الدول الرائدة في مجال دعم وتطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة، أن من أهمّ أدوات تحقيق النجاح لهذا النوع من المشروعات، هو إنشاء جهة حكومية مرجعية تضطلع بمهمة تقديم الدعم واقتراح السياسات ووضع الخطط لحماية وتطوير هذه المشاريع، فلابد أولاً من دراسة آليات تنفيذ التغير المطلوب في البنية الاستراتيجية لهذه المشروعات، والأخذ بالتجارب الدولية الناجحة في مجال استخدام هذا الأسلوب، لضمان تنمية وتأهيل هذا النوع من المشروعات. وبما أن التسويق هو من أصعب مراحل هذا النوع من المشروعات، لذا فإن الحكومة مطالبة بالدخول كأحد المشترين لمنتجات هذه المشروعات، وتبنّي خطط واستراتيجيات تعتمد على مفهوم الجودة الشاملة، وفتح أسواق جديدة عن طريق المعارض المحلية والخارجية. فرغم كل المزايا التي تتمتع بها المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ورغم سياسة الدعم الحكومي لهذه المشروعات، فيجب ألا يغفل حقيقة أن هذا النوع من المشروعات عرضةٌ للضرر أكثر من غيرها من المنشآت، ولهذا كانت الدعوات إلى المعاملة التفضيلية لهذه المشروعات. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية