الصحافة الإسرائيلية
محمود
"عزل" حماس يتطلب توفير بدائل للفلسطينيين... والفشل يلاحق قمم شرم الشيخ
ضرورة طرح بديل أمام الفلسطينيين، ومغزى بث شريط "جلعاد"، ومعارضة بعضهم إزالة إسرائيل للحواجز الأمنية في الضفة الغربية، والفشل الذي يلازم قمم شرم الشيخ... قضايا نعرض لها ضمن جولة سريعة في الصحافة الإسرائيلية.
"الطريقة الوحيدة لهزيمة حماس": كتب الصحفي الإسرائيلي المتخصص في الشؤون الفلسطينية "داني روبنشتاين" مقالاً يوم الإثنين الماضي في صحيفة "هآرتس" يدعو فيه إلى طرح بدائل أمام الشعب الفلسطيني إذا ما أريد لخطط عزل "حماس" وضرب شعبيتها أن تنجح. فالكاتب لا يرى في قمة شرم الشيخ التي عقدت في مصر أول من أمس سوى إقرار لإجراءات بسيطة لا ترقى إلى طموح الفلسطينيين، ولن تقنعهم بالتخلي عن "حماس" ذات الشعبية الجماهيرية الواسعة. فعلى جدول أعمال القمة أشياء بسيطة لا تتجاوز التعهد بدعم الرئيس "محمود عباس" من خلال الإفراج عن المستحقات الضريبية التي تحتجزها الحكومة الإسرائيلية، وإزالة بعض الحواجز الأمنية، ثم إخلاء مجموعة من الوحدات الاستيطانية غير المأهولة أصلاً. وفي مقابل ذلك سيطلب من الرئيس الفلسطيني التعهد بمحاربة ما يسمى بالإرهاب. ويرى الكاتب أن الخيار الإقليمي والدولي استقر على عزل "حماس" في ظل تخوف النظامين الأردني والمصري من ظهور حكم أصولي بالقرب منهما، وتخوف الولايات المتحدة من العلاقات المحتملة بين "حماس" وإيران. والأكثر من ذلك يشير الكاتب إلى دعوات بدأت تظهر في إسرائيل تنادي بتحويل "فتح" المندحرة في قطاع غزة إلى قوة شبيهة بجيش جنوب لبنان المنحل والموالي لإسرائيل. لكن الكاتب يعتقد أنه ما لم تتقدم إسرائيل بخطة بديلة ترتكز على مبادرة السلام العربية، فإن "حماس" ستبقى حاضرة، بل ستترسخ قوتها في سائر الأراضي الفلسطينية.
"شريط جلعاد شاليت وتوقيت إطلاقه": في مقاله المنشور بصحيفة "هآرتس" يوم أمس الثلاثاء، تطرق الصحفي الإسرائيلي "آفي إيزاكروف" إلى المغزى من وراء بث "حماس" شريطاً يُظهر الجندي الأسير "جلعاد شاليت". فالأكيد أن "حماس" لم تطلق الشريط لمجرد إثبات أن الجندي لا يزال على قيد الحياة، أو أنه لم يصب بمكروه، بعدما وصلت المفاوضات بين "حماس" وإسرائيل بشأن إطلاق سراح الجندي مقابل الإفراج عن أسرى فلسطينيين إلى طريق مسدود. لذا يرى الصحفي أن بث الشريط إنما جاء كمحاولة لكسر الجليد وفتح الطريق مجدداً أمام استئناف المفاوضات. يُضاف إلى ذلك أن "حماس" التي استطاعت التحكم في غزة خلال وقت وجيز تحتاج إلى إنجاز ما تقدمه للفلسطينيين في غزة، ولن يتأتى ذلك من دون موافقة إسرائيل على إطلاق سراح 450 أسيرا فلسطينيا مقابل الإفراج عن الجندي "شاليت". بيد أن "حماس" فقدت مصر كوسيط كان يسعى طيلة الفترة السابقة إلى رعاية اتفاق بين الطرفين وتبادل الأسرى بعدما سحبت وفدها الأمني من غزة بقيادة اللواء "برهان حامد". هذا فضلا عن مراهنة "حماس" على الرأي العام الإسرائيلي للضغط على حكومة "أولمرت" عبر بث صوت "شاليت" وتأمين إطلاق الأسرى الفلسطينيين. والأكثر من ذلك تسعى "حماس" إلى استباق أي مبادرة إسرائيلية بالإفراج عن عناصر "فتح" تستثني أسرى "حماس" بالتشديد على أنها لن توافق على أية مبادرة لا تتم في إطار اتفاق مسبق.
"المخاطرة بحياة الإسرائيليين": بهذا العنوان استهلت "جيروزاليم بوست" افتتاحيتها ليوم الأحد الماضي، محيلة إلى الإجراءات التي وافق عليها "أولمرت" في قمة شرم الشيح وتعهد بتنفيذها أمام الرئيس الفلسطيني "محمود عباس". ومن تلك الإجراءات التي تنتقدها الصحيفة أشد الانتقاد وتعتبرها لعباً بحياة الإسرائيليين إزالة الحواجز الأمنية في الضفة الغربية والسماح بتنقل الفلسطينيين عبر المناطق المختلفة. فحسب الصحيفة يشكل ذلك خطراً كبيراً على إسرائيل ويهدد باستئناف العمليات الفلسطينية. وترى الصحيفة أنه لا بد من انتزاع تعهد ملزم من "محمود عباس" بمحاربة ما تسميه بالإرهاب بدءا بالجناح العسكري لحركة "فتح" المتمثل في "كتائب شهداء الأقصى". وتلوم الصحيفة رئيس الحكومة "إيهود أولمرت" على تقديمه تنازلاً يهدد أمن المواطنين مطالبة بالانتظار حتى تظهر إجراءات القضاء على الإرهاب، التي تعهد بها "محمود عباس" على أرض الواقع. وتشير الصحيفة أيضاً إلى المشاكل المرتقبة التي ستواجهها الحكومة الفلسطينية الجديدة في الضفة الغربية والمتاعب التي قد تسببها لها "حماس"، ما قد يجعل في نظرها من مسألة إزالة الحواجز الأمنية أمراً بالغ الخطورة.
"لعنة شرم الشيخ": خصص الكاتب والصحفي الإسرائيلي "سيفر بلوكر" مقاله ليوم الأحد الماضي في صحيفة "يديعوت أحرنوت" للحديث عما يسميه "لعنه شرم الشيخ". ويقصد بذلك الفشل الذي لازم قمم شرم الشيخ منذ بدايتها وإلى غاية اليوم، حيث لم تحقق أي إنجاز يذكر على مسار السلام. ويبدأ الكاتب بوصف القادة الأربعة الذين سيجتمعون في شرم الشيخ "بالمذعورين" الذين قرروا الالتقاء بعدما فاجأتهم "حماس" في غزة. وأول تلك القمم التي استضافتها شرم الشيخ كانت قبل 11 عاما في مارس 1996 وجمعت قادة العديد من الدول بهدف حث "ياسر عرفات" على مواجهة "حماس" التي كانت قد نفذت عمليات كبيرة داخل إسرائيل والوقوف إلى جانب معسكر السلام. والأكثر من ذلك يقول الكاتب إن اتفاقات أوسلو كانت على وشك الانهيار، والرأي العام الإسرائيلي يتجه نحو اليمين. ومع ذلك فشلت القمة التي ضمت 22 شخصية بين رئيس دولة ووزير في تحقيق هدفها وفاز "نتانياهو" في الانتخابات الإسرائيلية. لكن سرعان ما أعقبت ذلك قمة أخرى عام 1997 جمعت بين "حسني مبارك" و"بنيامين نتانياهو" وتعهد هذا الأخير بتجميد بناء المستوطنات، لكنها ظلت حبراً على ورق وفشلت القمة. وفي 1999، يقول الكاتب، توجه "إيهود باراك" إلى شرم الشيخ في قمة جديدة جمعته مع "ياسر عرفات" لتحديد المناطق التي ستسلم إلى الفلسطينيين دون أن يفضي ذلك إلى نتيجة ملموسة. وما أن انتهى القادة من مصافحة بعضهم بعضا في قمة شرم الشيخ لعام 2000 حتى اندلعت الانتفاضة الثانية بعد أربعة أشهر في الأراضي الفلسطينية. وكأن ذلك لا يكفي يشير الكاتب إلى قمتي 2003 و2005 التي تمخضت عنهما خريطة الطريق. وهذه المرة أيضاً يجمع القادة حقائبهم وآمالهم متجهين إلى شرم الشيخ في تحد عنيد للقدر علهم يتخلصوا من لعنة الفشل.
إعداد: زهير الكساب