جاء قرار مجلس الحكم العراقي بمنع محطتي الجزيرة و العربية الفضائيتين عن متابعة أخبار العراق مفاجأة لنا جميعاً نحن أنصار الحرية والديمقراطية· هذا القرار وإن كنا نتفهم تبريراته لا يختلف كثيراً عن القرارات التي اتخذتها العديد من الدول العربية بإغلاق مكاتب الجزيرة في البلدان العربية، لأن المحطة نشرت أخباراً لا تعجب الحكومات العربية وسياساتها من حجب الحقائق عن الشعوب·
طموحاتنا وآمالنا في العراق الجديد تفوق كل التصورات لأننا مؤمنون بأن العراق لديه الاستعداد إذا استقرت أموره الأمنية ورسخت مفاهيمه الديمقراطية وحرر اقتصاده وشجعت تنظيماته المدنية على أن تلعب دوراً في بناء الوطن الجديد بأن يكون مصدر إشعاع وتنوير للأمة العربية·
من المفارقات الغريبة في الأزمة الحالية أن محطتي الجزيرة و العربية التزمتا بالهجوم على الولايات المتحدة ودول التحالف بسبب تواجدهم في العراق ليل نهار في نشراتهما الإخبارية، ومع ذلك تتدخل سلطة التحالف المؤقتة بقيادة بريمر الذي مارس ضغطاً على مجلس الحكم لتغيير قراره الذي اتخذه بإغلاق مكاتب الجزيرة و العربية في بغداد وجعله قرار إنذار للقناتين يطلب منهما عدم خرق القواعد والقوانين التي تنظم العمل الإعلامي·
هل يمكن أن نجد مثل هذا التصرف في أية دولة عربية؟ إننا لسنا مرتاحين مما تبثه الفضائيتان العربية و الجزيرة لأن تقاريرهما من داخل العراق ليست موضوعية ولا صادقة··· ليس مطلوباً من القنوات العربية مدح دول التحالف الغربي أوإبراز انجازاتها في تعميق الحرية في العراق حيث انتشرت الصحافة الحرة حتى أصبح في العراق اليوم أكثر من 100 صحيفة كذلك السماح للأحزاب والحركات السياسية بالعمل الحر في العراق حتى الأحزاب المعادية لأميركا الإسلامية منها والقومية··· المطلوب من الفضائيات العربية نقل الأخبار والوقائع بموضوعية وحيادية وعدم انحياز لأي طرف حتى تكتسب هذه المحطات المصداقية· هل من أصول العمل الإعلامي أن تقول إن مصادر قالت إن هناك إشاعات في قرية الفلوجة بأن بعض العراقيين يحتفلون بالعودة المتوقعة لصدام حسين وذلك عن طريق رسالة مكتوبة يتداولها الناس في الفلوجة؟ وماذا تستفيد محطاتنا الفضائية بنشر خبر يقول إن هنالك رسالة صوتية حديثة ستصدر من عدي وقصي في الأيام المقبلة؟! فليحترموا عقول المشاهدين العرب وكفانا لعباً بعواطفهم·
العراق اليوم بحاجة ماسة إلى الهدوء والاستقرار البعيدين عن مناخات التعبئة والتهييج، ومن الواضح أن الجزيرة و العربية تخالفان هذه الرغبة·
ما هو الهدف من الإثارة والتهييج في العراق؟ لماذا تتعمد المحطتان ابراز كل خطب صدام حسين وأشرطته الداعية إلى قتل الأميركيين؟ ربما تكون أشرطة صدام مقبولة لكن غير مقبول ولا معقول أن تبرز الفضائيات وبالصورة أناساً ملثمين يحملون البنادق ويلقون خطباً يهددون فيها الولايات المتحدة·· من هم هؤلاء؟ وما هي هويتهم؟ وما هي خطتهم لعراق ما بعد أميركا؟ ما هي تصوراتهم لطبيعة الحكم القادم الذي يحاربون لتحقيقه؟
هل فكرت الجزيرة أو العربية بإمكانية أن يكون هؤلاء رجال عصابات أو إرهابيين محترفين أو أناساً يسعون إلى عودة نظام الاستبداد والقهر والمقابر الجماعية؟ هل هذا ما تريده فضائياتنا العربية أن يكون في العراق ناس يكيلون العداء لأميركا؟ فتنشر أخبار كل من هب ودب فقط لأنه يعادي أميركا· إن ذلك أمر غير مقبول·
لماذا تتخصص الجزيرة و العربية في إيذاء الشعب العراقي وكيف أصبحت كوادرهما العاملة ومراسلوهما من الرفاق في حزب البعث البائد··· هذه تساؤلات نأمل أن نجد إجابة لها.