تنامي النزعة الاستهلاكية... وقفة مطلوبة
تجمعت في الأيام الأخيرة العديد من المؤشرات والتقارير والإحصاءات، التي تصبّ في مجملها في خانة التنامي اللافت للنزعة الاستهلاكية في المجتمع؛ ومن بين هذه المؤشرات، التقرير الأسبوعي الأخير الصادر عن "إدارة الدراسات" بـ"دائرة التخطيط والاقتصاد" في أبوظبي، والذي أشار إلى أن إنفاق الفرد في الإمارات على السلع الاستهلاكية، قد بلغ سبعة أضعاف نظيره في بقية الدول العربية، وذكر التقرير أن إنفاق الفرد في الإمارات على شراء السلع الاستهلاكية يبلغ نحو 27 دولاراً يومياً، في حين أن متوسط الإنفاق اليومي في بقية الدول العربية يبلغ نحو 3.5 دولار يومياً، والأهم من ذلك أن التقرير توقع تزايد هذه الفجوة مستقبلاً، خصوصاً في ظل تنامي حجم الإنفاق العائلي الذي بلغ في العام الماضي نحو 320 مليار درهم مقارنة بـ271 مليار درهم عام 2006، و206 مليارات درهم عام 2005، فيما كان الرقم يبلغ نحو 159 ملياراً عام 2003... وهكذا يبدو التزايد مستمراً وبوتيرة تتصاعد سنويا بشكل لافت، حيث تؤكد الإحصاءات أن الإنفاق العائلي يتزايد سنوياً خلال الأعوام الخمسة الأخيرة بما معدله حوالي 18% سنوياً. وفي معرض تأكيده على تنامي النزعة الاستهلاكية، نقل التقرير عن نتائج استطلاع إلكتروني أجرته إحدى المؤسسات الكبرى أن 30% من المستهلكين بدولة الإمارات يذهبون للتسوق بغرض "الترفيه" مرة واحدة أسبوعياً على الأقل، ليحتل المتسوق بالإمارات بهذه النسبة المرتفعة المرتبة الثانية عالمياً، بعد هونج كونج، فيما يعرف بـ"التسوق الترفيهي".
المؤشر الثاني جاء من واقع تقرير صدر مؤخراً عن "مجلس أبوظبي للتطوير الاقتصادي"، وشدد فيه على ضرورة الإسراع بوضع ضوابط وقواعد جديدة لإدارة تدفق السيولة داخل الاقتصاد، داعياً المصارف إلى إعادة النظر في أولوياتها على ضوء المستجدات والعقبات التي تواجه الاقتصاد الوطني، ولافتاً إلى أن ظاهرة القروض الشخصية تسلط الضوء مجدداً على الدور الذي لا تزال تلعبه المصارف في إذكاء التضخم.
المؤشر الثالث من إحصاءات "المصرف المركزي" التي تؤكد أن القروض الشخصية الاستهلاكية ارتفعت، في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، لتصل إلى 48.4 مليار درهم، في نهاية مارس الماضي، مقارنة مع 43.46 مليار درهم في نهاية العام المنصرم، بنسبة نمو بلغت 11.3% بما قيمته 4.94 مليار درهم.
المؤشر الرابع في هذا الإطار، ورد في تقرير نشرته صحيفة "الاتحاد"، أمس الأول، وذكر أن بعض المصارف العاملة في الدولة قد رفعت سقف القروض الشخصية الاستهلاكية إلى مليون درهم، وشرعت بالفعل في هذا الإجراء منذ نحو شهرين، بعد أن وزع "المصرف المركزي" تعميماً عليها، بداية العام الجاري، يتعلق برفع الحدّ الأعلى للقروض الاستهلاكية الشخصية إلى ما يعادل 25 ضعف الراتب الشهري لطالب القرض، وهذا يعني بالتبعية أن الموظف الذي يصل راتبه الشهري 40 ألف درهم، يستطيع الحصول على قرض شخصي يبلغ مليون درهم؛ الأمر الذي يؤكد أن ارتفاع سقف الإقراض دخل كمتغيّر جديد في السباق التنافسي بين البنوك لاستقطاب العملاء، ما قد يفتح الباب أمام مزيد من التسهيلات لتحقيق تقدّم في هذا السباق، وهذا الأمر لا علاقة له بما تدّعيه البنوك من أن رفع السقف يستهدف الاستجابة لاحتياجات العملاء.
ثمة مؤشر آخر على تنامي النزعة الاستهلاكية ورد هذه المرة من خلال تقرير بثه موقع "العربية.نت" وأشار فيه إلى وجود "طوابير انتظار في الإمارات على السيارات الفاخرة، وإلى "تهافت" على شرائها، مشيراً إلى أن استلام السيارة يتطلب البقاء نحو ستة أشهر على قائمة الانتظار.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.