غروب أدوارد سعيد... وبزوغ قطب عالمي جديد
مجلات وصحافة باريس هذا الأسبوع وضعت تحت دائرة الضوء موضوعات من قبيل أفق المصالحة الأطلسية، وإمكانية ظهور قطب عالمي جديد مؤلف من دول العالم الثالث الكبيرة، وأيضاً قضية الحجاب في فرنسا ومسألة الصراع في الشرق الأوسط·
مشكلة الحجاب
الحجاب الإسلامي: زوبعة مصطنعة تحت هذا العنوان كتب جي سورمان في صحيفة لوفيغارو عن الجدل الدائر في فرنسا حول مشروع القانون الحكومي المتعلق بحظر، أو السماح بالحجاب للفتيات المسلمات الفرنسيات في المدارس· واعتبر الكاتب أن إصدار قانون حظر كهذا سيكون أمراً غير عادل، فضلاً عن تعذر تطبيقه على أرض الواقع، ويخدم بالدرجة نفسها الاتجاهات المتطرفة في أوساط المسلمين الفرنسيين، إذ سيصبح للمتشددين موضوع يتحدثون عنه وقضية يدافعون عنها وتسمح لهم بتجميع المناصرين والمتعاطفين من كل صنف ونوع· ويرجح الكاتب أن تهجر حكومة رافارين مشروع قرار كهذا، وأن يستقر الرأي أخيراً على إصدار قانون عام يحظر الرموز الدينية عامة لكل الأديان في المدارس حفاظاً على مبدأ العلمانية· لكن المشكلة هنا -يقول سورمان- هي تحديد ما يسمى رمزاً دينياً ونحن نعرف اختلاط الثقافة العامة لمختلف الطوائف مع ثقافاتها الدينية· بمعنى أن كوكتيل الممنوعات سيكون على حساب حرية ممارسة الحياة العادية للناس· ومن هنا تبدو خطورة ما يدعو إليه لوبي علمانية الجمهورية الأسير لحنين لا ينقطع إلى إثارة معارك جديدة·
وفاة سعيد
صحيفة لوموند كتبت عن وفاة المفكر الفلسطيني أدوارد سعيد الذي اعتبرته أبرز صوت ثقافي مثّل القضية الفلسطينية، مؤكدة أن مؤلف الاستشراق كان كاتباً نقدياً بمعنى الكلمة، ففي حين اشتهر بهجومه العنيف على ممارسات سلطة الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين فإنه لم يتردد أيضاً في نقد المسار السياسي الذي اختاره عرفات منذ اتفاقات أوسلو ·1993 وتعتبر لوموند في مرثيتها لأدوارد سعيد، أن نكسة 1967 كانت نقطة تحول في حياة الرجل، فتحول من كونه مثقفاً ليصبح مناضلاً لفت لأول مرة أنظار الفلسطينيين إلى أهمية الدياسبورا الفلسطينية في الخارج وإمكانية الاستفادة منها في الدفاع عن القضية· وفي سنة 1977 أصبح سعيد المقدسي الأصل عضواً في المجلس الوطني الفلسطيني، لكنه انسحب منه بعد اتفاق أوسلو وشبه حكومة عرفات بحكومة فيشي في فرنسا واتهمها بالتعاون الاختياري مع سلطة الاحتلال· كما أفردت لوموند مقالاً للعصيان الذي أعلنه 27 طياراً إسرائيلياً أعلنوا في رسالة مفتوحة رفضهم لتنفيذ أوامر القتل المستهدف ضد الناشطين الفلسطينيين، معتبرين أن أعمالاً كهذه تضر أمن إسرائيل وتعري أخلاقياً كل ما ترفعه من شعارات· وتعتبر لوموند أن الضربة هنا جاءت إلى موفاز من الطيران الذي هو نخبة الجيش الإسرائيلي، ما يعني زيادة مصاعبه مع قائده شارون·
ظهور قطب عالمي جديد؟!
" وصل الجنوب " .. هذا هو العنوان الذي اختارته لوموند لافتتاحيتها في 26/9 والتي تحدثت فيها عن إمكانية ظهور قطب عالمي جديد مكون من تكتل من دول الجنوب، وتحديداً من الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا· ثلاث دول ديمقراطية، ثلاثة اقتصادات مفتوحة، دول تمثل ثلاث قارات· وقد ظهر هذا الكارتيل السياسي الآن بشكل استعراضي كاسح ثلاث مرات خلال أيام: مرة في كانكون وكان بالغ القوة، ومرة في دبي في اجتماعات الدوليين ، والآن في الجمعية العامة للأمم المتحدة· وتشير الصحيفة إلى أن ثمة دولاً أخرى تساند هذا الثلاثي هي مصر والمكسيك وأندونيسيا ونيجيريا، وخاصة الصين· وقد أثبتت هذه الدول إمكانية ظهور خيار ثالث أيضاً غير خيار بوش في العراق، أو خيار شيراك· أما سلم الأولويات عند هذا المعسكر فليس الحرب على الإرهاب ولا تصفية الملف العراقي، وإنما تحشر هذه الدول دول الشمال في الزاوية الحرجة التي لا تحب الحديث عنها أي التنمية والصحة والعدالة في توزيع الموارد·
مصالحة شيراك ـ بوش؟
ما عرفه هذا الأسبوع من سيولة في مواقف معسكري الحرب والسلام بخصوص المسألة العراقية نال اهتماماً واسعاً من الصحافة الفرنسية· ففي صحيفة ليبراسيون كتبت فابريس روسيلو متحدثة عن احتمال ظهور تصدع في المحور الألماني-الفرنسي، بعد اصطفاف برلين وراء واشنطن الذي أصبح الشعور به يزداد، على رغم تأكيدات شيراك وشرودر وبوتين المستمرة بأن معسكر السلام ما زال قائماً· أما في مجلة لونوفل أوبسرفاتور فيرى جان جابرييل فريديه أن محاولات برلين وباريس تمديد شهر العسل بينهما تصطدم الآن عملياً بعوائق حقيقية في ضوء الإغراء الخارجي الذي تقدمه واشنطن وتوني بلير· وفي صحيفة لوفيغارو كتب شارل لامبر