تركيا بحاجة إلى "جسر داخلي"... وعلى العراق دفعُ "فاتورة الإعمار"
النفط العراقي يجب أن يمول إعادة الإعمار، وتركيا بحاجة إلى ردم الفجوة بين علمانييها وإسلامييها، وخطة "ماكين" للطاقة غير قابلة للتطبيق، و"شافيز" يحاول تعزيز سلطته... موضوعات نعرض لها ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الأميركية.
"ليدفع العراق الفاتورة":
هكذا عنونت "نيويورك تايمز" افتتاحيتها يوم أمس مُذكِّرة بأنه مرت الآن خمس سنوات على تصريحات لبول وولفوفيتز مفادها أن العراق سيصبح في القريب العاجل قادراً على تمويل عملية إعادة الإعمار. الآن جزء من هذه النبوءة قد تحقق، فالعراق زاخر بأموال النفط، لكن هذه الأموال لا تُستخدم في إعادة الإعمار. وثمة تقرير لـ"إدارة المحاسبة الحكومية" الأميركية يقول إن عوائد النفط العراقية خلال الفترة من 2005 إلى نهاية العام الحالي بلغت 156 مليار دولار، وحققت الموازنة العراقية فائضاً قيمته 79 مليار دولار، غير أن 29 مليار دولار فقط من هذا الفائض تم استخدامها في تنمية العراق. وخلال الفترة من 2005 إلى 2007 لم يُخصص لإعادة الإعمار- من إجمالي العوائد النفطية- سوى 3.9 مليار دولار. من الأفضل للعراق والعالم أن يستأنف العراق الاستثمار في النفط، لكن لا يزال أمام العراق طريق طويل قبل أن يتحمل المسؤولية بشكل عام عن نفسه ومستقبله، وهذا الأمر يتطلب أن ينفق العراق من ماله على مشروعات إعادة الإعمار غير المنجزة.
"بناء الجسور في تركيا":
اختارت "كريستيان ساينس مونيتور"، هذا العنوان لافتتاحيتها المنشورة يوم الخميس الماضي لتعلق على قرار المحكمة الدستورية التركية بعدم حظر حزب "العدالة والتنمية" الحاكم. الصحيفة ترى أن تركيا أصبحت جسراً رئيسياً بين الإسلام والغرب، فأنقرة تتوسط الآن بين دمشق وتل أبيب لتحقيق السلام بين هاتين الأخيرتين، وتتوسط أيضاً بين الولايات المتحدة وإيران، وتسعى إلى الحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي، لكنها تحتاج الآن إلى بناء جسر مهم للتواصل بين الأتراك داخل وطنهم. قرار منع حظر الحزب يعزز الديمقراطية التركية، فالحظر طال في السابق 24 حزباً تركياً، مما يشير إلى أن المحكمة الدستورية وضعت في اعتبارها صوت الناخبين الذين صوتوا لحزب "العدالة والتنمية". ومن ثم على هذا الحزب الوصول إلى العلمانيين بقصد تقليص الفجوة التي تفصل الحزب عنهم. وإذا تمكن رئيس الوزراء التركي من الوصول إلى الأتراك كافة وتضييق الفجوة بين العلمانيين والإسلاميين، فإن تركيا ستكون جسراً أكثر فعالية بين الإسلام والغرب.
"ليست خططاً براقة":
اختارت "لوس أنجلوس تايمز" هذه العبارة عنواناً لافتتاحيتها المنشورة يوم الخميس الماضي، مستنتجة أنه في ظل اهتمام مرشحي الرئاسة الأميركية بأزمة الطاقة، فإن الخطة التي يقترحها "جون ماكين" المرشح "الجمهوري في انتخابات الرئاسة لمواجهة هذه الأزمة تضلل عامة الأميركيين وتتجاهل مخاطر استخدام الطاقة النووية. وحسب الصحيفة، فإن أوباما متشوق لتخفيف حدة غضب الناخبين من أسعار الوقود المرتفعة، مما جعل المرشح "الديمقراطي" يتخلى عن "مبادئه الخضراء" ويفتح الباب على إنتاج النفط من الشواطئ الأميركية ومن صخور الزيت، لكن هذا لا يعد شيئاً عند المقارنة بخطة "ماكين" الرامية إلى تعزيز إنتاج الطاقة من المفاعلات النووية، وهو ما تراه الصحيفة استخفافاً بذكاء الناخبين. يوم الثلاثاء الماضي، أي بعد يوم على خطاب ألقاه "أوباما" حول أزمة الطاقة في "لانسين" بولاية متشجن، ظهر المرشح "الجمهوري" في أحد المفاعلات النووية على شواطئ "ليك إري" وهو يتحدث عن أهمية الطاقة النووية وينتقد "أوباما" على تراجعه عن وعد أطلقه سابقاً ببناء 45 مفاعلاً نووياً بحلول عام 2030. الصحيفة تقول: ماكين يزعم أن الطاقة النووية نظيفة وآمنة ورخيصة، لكن لا يتسم هذا النوع من الطاقة بأي من الصفات التي أطلقها ماكين، فالنفايات النووية تظل خطيرة لآلاف السنين، وإلى الآن لم تطور الولايات المتحدة طريقة جيدة لتخزين هذه النفايات، كما يوجد خطر محدود لكنه يشكل تهديداً كبيراً وهو وصول المواد النووية إلى أياد إرهابية، ناهيك عن الكلفة المرتفعة لبناء المفاعلات النووية. يمكن التماس العذر أو التسامح مع "ماكين" كونه تجاهل إشكاليات الطاقة النووية، خاصة أن معظمها تقني يمكن البحث عن حلول مناسبة له، لكن لا يمكن التسامح مع الهدف الذي روج له "ماكين" وهو بناء 45 مفاعلاً نووياً جديداً خلال فترة تصل إلى 22 عاماً، فهذه خطة غير عملية ولن تحقق حال تطبيقها أي طفرة ممكنة في إنتاج الطاقة. وحسب الصحيفة، فإن معظم مفاعلات أميركا النووية -البالغ إجمالي عددها 104 مفاعلات- سينتهي عمرها الافتراضي قريباً، وبحلول عام 2030 وهو العام الذي ستصبح فيه خطة ماكين قد انتهت (أي بعد 22 عاماً من الآن) ستكون نصف المفاعلات الأميركية قد خرجت من الخدمة، وحتى إذا تم بناء مزيد من المفاعلات بسرعة فإنه من الصعب بناء مفاعلات أخرى غير تلك التي انتهى عمرها الافتراضي، وهذا يعني أن الطاقة التي تستخرج من المفاعلات لن تزداد كثيراً، أي أنه من الصعب تحقيق خطة "ماكين"، خاصة في ظل الإجراءات الصعبة والانتقادات المجتمعية التي تتعرض لها فكرة بناء مفاعل نووي، فربما يستغرق الأمر عقداً كاملاً لإنهاء بناء أي مفاعل جديد. وحسب الصحيفة، فإنه منذ سبتمبر 2007، تقدم مستثمرون أميركيون بطلبات للحصول على تراخيص بناء عشرة مفاعلات نووية، علماً بأن الولايات المتحدة لم تجرؤ على بناء مفاعل واحد منذ كارثة "ثري ميل أيلاند" عام 1979.
"اغتصاب السلطة":
هكذا عنونت "الواشنطن بوست" افتتاحيتها يوم الخميس مسلطة الضوء على التطورات السياسية الأخيرة في فنزويلا. وحسب الصحيفة، فإنه قبل تسعة أشهر فقط، رفض الناخبون الفنزويليون اقتراحاً قدمه شافيز لإعادة كتابة الدستور الفنزويلي، بحيث يصبح من الناحية الفعلية رئيساً مدى الحياة، قادراً على تنصيب حكام للأقاليم (منتخبين محلياً) من بين مرشحين يختارهم هو بنفسه، وتكون لديه سلطة التصرف في احتياطي البنك المركزي، والأهم من ذلك تتضمن التغيرات التي يسعى شافيز لتفعيلها تدشين "ميليشيا بوليفارية" لا تخضع لأوامر الجيش الفنزويلي، بل تتلقى أوامرها من شافيز. الهزيمة التي تعرض لها شافيز في مسألة التغييرات الدستورية، جاءت عقب الكشف عن دعمه للميليشيات الماركسية في كولومبيا، مما جعله يتراجع عن تطبيق خطة للتجسس الداخلي، ويطالب الميليشيات الكولومبية بالسعي من أجل تحقيق السلام. الآن أماط شافيز اللثام عن مجموعة من المراسيم الرئاسية تجيز ما رفضه الناخبون الفنزويليون أثناء الاستفتاء الدستوري، الهدف من هذه المراسيم ليس الإعلان أن فنزويلا دولة اشتراكية على غرار كوبا، بل إحكام قبضة شافيز على السلطة من خلال: عودة "الميليشيات البوليفارية" كخطة تسير بالتوازي مع تعيينه حكاماً للأقاليم، ومع السماح له بالتصرف في ثروات فنزويلا. وفي الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد الفنزويلي من نقص بعض السلع الأساسية جراء سياسات شافيز، اتجه هذا الأخير إلى التعامل مع المسألة من خلال تأميم الكثير من المؤسسات الصناعية وأحد البنوك الإسبانية. وبالإضافة إلى ذلك، منعت حكومة شافيز 250 معارضاً من الترشح في الانتخابات البلدية والمحلية (على مستوى الولايات) المزمع إجراؤها في نوفمبر المقبل.
إعداد: طه حسيب