خلال عام واحد تم استقدام 200 ألف عامل من بنجلاديش إلى المملكة العربية السعودية. وبلغ مجموع ما استُقدم خلال الربع الأول من عام 2008 الحالي 40 ألف عامل من ذاك البلد. وكانت مملكة البحرين قد أوقفت منح تأشيرات لمواطني بنجلاديش بعد تورط بعضهم في حوادث طالت المجتمع البحريني، ووصلت إلى حد القتل المُتعمد؟ ولأن مواطني هذا البلد (بنجلاديش) يعانون الفساد الإداري، حيث وضعت منظمة الشفافية الدولية بنجلاديش في المركز رقم 162 من بين 180 دولة ينتشر فيها الفساد، فإن المواطن البنجلاديشي يأتي إلى منطقة الخليج وهو نتاج تلك الأوضاع، ولا يهمه أن يمارس التلاعب أو الاعتداء على المال الخاص والعام، بل ولا يهمه المحافظة على ممتلكات الآخرين، ناهيك عن الأمراض النفسية التي تؤدي إلى الجنوح! وإذا كانت الأجور التي تُدفع لبعض الجنسيات- ومنها البنجلاديشية- في بعض مناطق الخليج متدنية جداً (حوالي 400 ريال شهرياً)، وبعض المؤسسات ولربما الأفراد يتأخرون في دفع تلك الأجور لستة شهور أو أكثر، حسب تقرير إنترنتي نُشر يوم 20/6/2008، فإن سوء معاملة العمال من قبل الكفلاء، بالإضافة إلى حدوث شجارات معهم كونهم غير أكفاء للعمل، يفاقم المشكلة ويدفع العمال إلى المزيد من الانحرافات والاجتراءات بحق الآخرين. وإذا ما ظهر على السطح موضوع هذه الجنسية فقط، فإن هنالك جرائم واختراقات من جنسيات أخرى لا يتم الإعلان عنها، بل ومن جنسيات عربية. وعدم الإعلان هذا يزيد في حشر منطقة الخليج بعمالة- طبعاً نحن بحاجة إليها- ولكن نتائج هذا الحشر تكون كارثية على المنطقة بأسرها. إن العامل المرتاح -غير السائب- قد تردعه المعاملة الجيدة من كفيله. ولكن هذه ليست قاعدة. فكم من العاملين استغلوا منازل العائلات- خصوصاً وقت الصيف- حيث البيوت مهجورة من أهلها وتودع أمانة بيد السائقين أو الخادمات، وقاموا بتحويل تلك البيوت الآمنة الشريفة إلى أوكار للممارسات الُمشينة! وكم من الخليجيين قطعوا تذاكر عودة للعاملين لديهم -على أساس عودتهم- لكنهم يذهبون ولا يعودون، بل ولا يستطيعون استخدام التذكرة لمكان آخر، والهدف هو الحقد على الإنسان الخليجي ومحاولة زيادة خسارته بأي شكل! وفي هذه الحالات لا تتحدث القوانين، ولا هيئات حقوق الإنسان عن مثل تلك المخالفات من العاملين، ولا "تهتاج" السفارات -الآسيوية خصوصاً- لإعادة تلك المصاريف لأهل الخليج، الذين يجدون القانون مع العامل، حتى وإن هرب من المنزل وهامَ على وجهه لشهور، وما أن يقع في قبضة القانون، مخالفاً أو سارقاً أو قاتلاً، حتى يأتوا إلى كفيله ليتحمل مشاق هو غير مسؤول عنها، ويلزمونه بدفع قيمة تذكرة السفر لتسفير ذاك العامل، الذي يعتبر في نظر القانون مجرماً أو مرتكب مخالفة قانونية. وهذه القوانين تعتبر هاضمة لحق المواطن وإن أنصفت العامل، ولابد من إعادة النظر فيها، مهما لاحقتنا هيئات حقوق الإنسان، لأن المواطن الخليجي أيضاً إنسان ويستحق أن يُنظر إليه بمنظار متكافئ مع ذلك الذي يُنظر به إلى الوافد. وقد ذكرت دراسة بحرينية أن عدد سكان البحرين قد زاد بنسبة 41% حيث تجاوز المليون. وأن نسبة النمو السكاني 41% لم تتجاوز نسبة البحرينيين منها 15.3%، بينما كان النمو بالنسبة لغير البحرينيين 82.5%، ونتجت عن ذلك متغيرات مؤثرة منها: ارتفاع معدلات الإعالة (وتعني ضعف قدرة المجتمع والشرائح المنتجة فيه على الادخار والتوفير)، وسوء التغذية، وزيادة معدلات الفقر، والبطالة، وزيادة الإنفاق على الصحة (من 61 مليون دينار عام 1997 إلى 116 مليون دينار عام 2006)، أي بنسبة 93%. وأن الإنفاق بالنسبة للفرد قد زاد خلال 4 أعوام من 103 دينارات إلى 148 ديناراً سنوياً، كما أن تكلفة المريض (النائم في المستشفى ارتفعت بنسبة 53%، كما زادت تكاليف التعليم وزادت نسبة الطلاب من 138 ألف طالب عام 2002 إلى 157 ألف طالب مع نهاية عام 2006. ويذهب 78% منهم إلى المدارس الحكومية). هذه المؤشرات تنطبق بنسب عالية جداً على بلدان خليجية أخرى. ففي دولة قطر بلغ عدد الداخلين إلى مستشفى حمد العام في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2008 الحالي أرقاماً مخيفة لأن المعدل العام خلال هذه الفترة يصل إلى الآتي: نسبة القطريين من الإنفاق الحكومي -في هذا المستشفى فقط- حوالي 30%، بينما تبقى نسبة 70% تصرف على غير القطريين. وأشارت إحصائيات هيئة الصحة في دولة قطر أن مجمل الداخلات لمستشفى النساء والولادة قد وصل عام 2006 إلى 24454 مقارنة بـ16289 مريضة عام 1996، أما الخارجات من نفس المستشفى فقد كان عددهن 24453 عام 2006، مقارنة بـ16270 مريضة عام 1996. بالطبع لا تتوفر لدينا معلومات وإحصائيات عن جميع دول مجلس التعاون في المجالات المتصلة بالوافدين من السجون التي تخصص لمخالفين، ولا للسهر على الأمن، وتوظيف المزيد من قوى الأمن نظراً لزيادة أعداد السكان. كما لا توجد إحصائيات واضحة عن البنود التي تخصص في الميزانية العامة للمرور، حيث زادت نسبة السيارات بصورة ملحوظة في جميع دول مجلس التعاون. وبالطبع زادت الحوادث، وارتفعت أقساط التأمين السنوية، وكذلك قطع الغيار. وهذا كله يقع على كاهل المواطن لأن الشركات العملاقة -المحلية والأجنبية- ستدفع ولا يهمها في هذا الشأن، حتى لو أتلف لها السائق (المهمل) سيارتين أو ثلاث سيارات في العام. أما الخطر -الذي يتم تجاهله هذه الأيام- فهو الخلايا النائمة ذات الأيديولوجيات المنحرفة، التي لا تريد خيراً للمنطقة وأهلها. وهذه الخلايا لم تتكون من المواطنين المحليين، بل بدأت تتشكل من قبل الوافدين، الذين أتوا من بلدان تسومهم سوء العذاب، وبعضهم التصق بالدين وأخذ يعمل في الخفاء انتظاراً ليوم الإشهار! ولقد تم اكتشاف ممارسات خارجة عن التوجه العام للدين من قبل جماعات إسلامية في أحد البلدان الخليجية. والإعلان الأميركي/البريطاني -قبل أسبوعين- عن احتمال حدوث أعمال إرهابية لم تأتِ من فراغ! نحن هنا نحذر من فتح الأبواب على مصاريعها، فأصحاب النفوس الضعيفة يُقدَّرون بالملايين في المنطقة، ولنا في نكبة غزو الكويت المثال الأوضح، حيث "كشّر" الموعودون الخاضعون عن أنيابهم عندما وصلت القوات العراقية أرض الكويت، وسامَ بعضهم الإخوة الكويتيين أشكالاً من المعاملة القاسية والاعتداء والسلب والنهب. ومن أجل ألف دولار يمكن أن يقوم صاحب نفس رديئة بتفجير نفسه في برج من 80 أو 100 طابق، أو في جامعة يقصدها الطلاب، أو في مستشفى يُعالج فيه أبرياء، لأنه عندما تعمى القلوب لا تفيد العيون. نحن هنا لا نريد بث الرعب، ولا الإضرار بالواقع الأمني، لكن القضية التي نتصورها تستحق أن تبادر الجهات المسؤولة -في جميع دول مجلس التعاون- ببحث موضوع آثار العمالة الوافدة وغير المقننة على جميع جوانب الحياة في هذه الدول. كما يجدر بالحكومات أن تتسع صدورها لسماع كل رأي يستهدف أمن ورخاء المنطقة. إن الوضع يتطلب إجراء دراسات ميدانية حول تلك الآثار وعلى كل المستويات، وأن تبادر الجهات المختصة الى الاتصال بالباحثين وتزويدهم بالأرقام والإحصائيات الدقيقة -بكل شفافية- حول هذا الموضوع، كي تقدم نتائج هذه الدراسات إلى أصحاب القرار وتناقش في الحكومات وفي المجالس النيابية والشوروية، من أجل وضع الخطط والقوانين التي تؤمن حفظ المنطقة وأهلها ومؤسساتها من أيادي العابثين.