"أشارت دراسة أولية جديرة بالاهتمام، أُجريت على مجموعة من حيوانات المختبر، إلى أن الكسل الذي يعانيه البعض قد يكون بتأثير جيني خارج عن إرادتهم، مؤكدين أن اختباراتهم كشفت عن وجود مجموعة من العوامل الوراثية التي تحدد مستوى نشاط المخلوقات"، وكالعادة التجارب تمت على الفئران! المهم أن الجينات أخذت تلعب دوراً كبيراً في تنامي شبه التأكيد الطبي لدور الجينات في كثير من التصرفات الإنسانية. وبصراحة وعلى المستوى الشخصي، أصدق مسألة الجينات إياها، ليس فقط لأن القائلين بها من علماء الغرب المحترمين الذين لا يهزلون في القضايا العلمية من جهة، ولأن الواقع يثبت هذا الادعاء من جهة أخرى. ولنأخذ مثلاً حصول الشعب الأميركي على ما يزيد على مائتي جائزة نوبل في العلوم فقط، دع عنك بقية فروع المعرفة في العلوم الاجتماعية والآداب، في مقابل شعب عربي طويل عريض في تاريخه وتراثه الذي يمتد عبر العصور، لم يحصل في حياته على نوبل علمية واحدة (بالمناسبة د. أحمد زويل محسوب ضمن الولايات المتحدة الأميركية، علشان العرب ما ينفخون أنفسهم على الفاضي)!! كيف تفسر هذا الإفلاس العربي في العلم؟ أكيد لأن جينات الغباء أكثر. مثال آخر يتصل بأعداء العرب منذ ستين عاماً، وأقصد بهم اليهود (حتى لا يزعل الذين يفرقون بين اليهودي والصهيوني، أقول لهم إن العرب بذكائهم الفطري لا يعرفون الفرق بين الصهيونية واليهودية، وشعارهم في ذلك "كلهم أعداء الله ولا نبالي"). فاليهود الذين يبلغ تعدادهم قرابة 22 مليوناً في العالم، حصلوا على عشرات جوائز نوبل في العلوم والآداب، في حين أن الأمة الإسلامية التي يقدر عددها بما لا يقل عن مليار ونصف (اللهم زدْ وبارك) لم يحصلوا على سوى جائزة نوبل يتيمة حصل عليها عالم باكستاني لم يسمع به كل المسلمون في العالم. كيف تفسر ذلك؟ جينات الغباء ولاشك. في جميع الأحوال لا يمثل عدم حصول العرب والمسلمين على جوائز نوبل أية مشكلة. فبماذا تختلف أفريقيا عنا؟ لا شيء سوى أننا نملك ما لا يقلّ عن 300 مليار دولار (عين الحسود فيها عود). المشكلة إذا ظهر لنا في المستقبل القريب عالم فلتة يضع اللوم على الجينات في مسألة الميول الإجرامية! هنا تظهر المصيبة، أنه في هذه الحالة سيضطر العالم العاقل (وهذا لا يشمل العرب ولا المسلمين ولله الحمد) إلى البحث في قضية أخلاقية وقانونية، وهي عدم مسؤولية المجرم عن إجرامه. وقد ناقشت أحد الأساتذة في الجامعة حول هذا الموضوع، فأفادني أفاده الله، بأنه من المحتمل جداً أن تكون الجينات مسؤولة عن هذا السلوك الإجرامي، بمعنى وجود هذه الجينات في تركيبة العقل الإنساني، لكن تحولها إلى سلوك واقعي يعتمد على مدى توفر بيئة حاضنة تتيح لهذه الجينات أن تتفاعل لكي يظهر لنا هذا المجرم. وأعطى لذلك مثلاً في الطاغية الراحل، صدام حسين، حيث قال إنه من الممكن استنساخ صدام حسين جديد (قلتُ له لا يسمعونك الكويتيين)، لكن لكي تتوفر نفس العقلية الإجرامية، لابد من بيئة حاضنة مشابهة لتلك التي نشأ فيها صدام حسين. وهذا كلام منطقي. وبالنسبة لي لا يمثل أية مشكلة. المشكلة التي أفكر بها في مسألة الجينات، أن مثل هذا الرأي القائل بالمسؤولية الجزائية للجينات عن السلوك الإجرامي، أن يأتي يوم نشهد فيه من يتبجَّح من المرتشين والفاسدين سياسياً وإدارياً ويدفع ببراءته من المسؤولية الجزائية لأن الجينات هي المسؤولة عن أخذه الرشوة أو فساده السياسي. وحيث إننا في عالم عربي فاسد سياسياً وإدارياً حتى الجذور والنخاع، فحتماً سيفلت الكثير من هؤلاء المفسدين من العقاب فيما لو احتج أحد المدافعين عنهم في ساحة المحاكم بتقرير علمي حول مسؤولية الجينات عن هذه الممارسات الإجرامية. لكن جينات مسؤولة عن الكسل أو الغباء أو الذكاء مما نشهده في الحياة فهو ليس بالأمر المهم.