أرسل لي رجل فاضل يقول: ماذا نفعل بآيات القتل والقتال في القرآن؟ وكأن الأنبياء صلوات الله عليهم جاؤوا للحرب وليس للسلم وإفشائه بين الأنام! القرآن يشدد على من يفتري على الله الكذب، ومن يسوق الآيات في غير مكانها يفتري على الله الكذب وكفى به إثماً وبيلاً. والاختلاط في الآيات يأتي من عدم فهم رسالة الأنبياء في التاريخ، إنهم جاؤوا لإنهاء الطغيان، ولإسقاط سلطة الآلهة البشرية، فهذا هو لُب التوحيد، وهو قضية سياسية اجتماعية، في الأرض وليست في السماء فوق الغمام! هذه كانت مهمة الأنبياء، ومن أجلها جاؤوا وطوردوا واتهموا بالجنون، لأنهم نادوا بالتغيير الجذري في المجتمع، أي تحرير أفراده من علاقات القوة. ولأن الجنس البشري بنى الدولة، فماذا فعل الأنبياء تجاه الدولة؟ حين بنت الدولة نفسها فعلت ذلك على أساس القوة وعلى أساس احتكار العنف بيد جماعة، فوقع البشر في مصيدة صنعوها بأيديهم! وقد شرع الله القتال المسلح من أجل رفع الفتنة، وليس من أجل إذكائها. فهذه وظيفة الدولة من الداخل وليس تجنيد نصف مواطنيها للتجسس على النصف الباقي. وهذا ما يعني أن القتال المسلح المشروع، وبكلمة جامعة مانعة، هو "دعوة لإقامة حلف عالمي لرفع الظلم عن الإنسان أينما كان ومهما دان". فإذا طبقنا هذه المعايير على القتال في سبيل الله، وجب شن الحرب العادلة أولاً على من يفتنون الناس عن دينهم، ويهينون مقدساتهم، ويقتلون عشرات العزل بدم بارد، ويعتقلون الإنسان على الرأي، ويجلدونه من أجل كلمة، أو يجروه لفرع أمني بتهمة التعرض للافتة معلقة في الحائط لأحد "الأصنام" البشرية التي لا تملك لا موتاً ولا حياتاً ولا نشوراً! أما الانتحاريون المجانين فهم موضة فلسطينية، وكل مصائب العالم بدأت من هذه النقطة، من صراع اليهود والعرب، بدءاً من تفتيش الناس كالحرامية واللصوص في المطارات، وانتهاءً بموضة الانتحاريين الذين هددوا أولمبياد بكين، بعد موضة خطف الطائرات. كل ذلك يأس من ظلمات صهيونية وأميركية وأوروبية، ظلمات وظلم بعضها فوق بعض، فلم يبق إلا الانسحاب والاستقالة من حياة لا تستحق أن يعيشها الإنسان؛ فهذه هي فلسفة الانتحار، وليست فلسفة نبوية بحال! كل هذا وأكثر أيضاً خلفه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وهكذا فاليهود الذين بكوا على وطن ليس لهم، أرسلهم الأوروبيون إلى المحرقة، في هولوكوست جديدة، ليست على غرار آوسشفيتس، بل تطبخ على نار القرون، حتى يحزموا حقائبهم في النهاية إلى هولوكوست جديد. (وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب)... وهو عقاب قد لا يخص اليهود وحدهم، بل هو عام لكل من أصيبوا بذلك المرض حتى يشفوا بالنار ذات الوقود. وحين قالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه كان الجواب من الواقع: (فلم يعذبكم بذنوبكم). إن القانون الإلهي يسري على الجميع؛ يهود ونصارى ومسلمين وبوذيين وصابئة ويزيديين وبهائيين ماسونيين، ملاحدة وشيوعيين وصهاينة ونازيين وبعثيين وفاشيين.... ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكراً عليماً!