دوريات
The Atlantic Monthly
تحت رحمة بوتين
قضايا سياسية عدة شملها العدد الأخير من مجلة The Atlantic Monthly التي تصدر كل شهر عن "أتلانتيك مونثلي جروب" ومقرها بوسطن. فتحت عنوان "تحت رحمة بوتين"، يرى جيفري تيلر أنه رغم أن الرئيس الجورجي سكاشفيلي يمتلك مجموعة من الصفات والمؤهلات الممتازة، إلا أنه يتسم بصفتين هما الميل الى الاستبداد بالرأي والتهور... وهما أسوأ صفتين يمكن أن يتصف بهما رئيس يتأهب للدخول في مواجهة مع رجل الاستخبارات العتيد، رئيس روسيا السابق ورئيس وزرائها الحالي "بوتين". وهاتان الصفتان زينتا للرئيس الجورجي الظن بأن انشغال العالم بدورة الألعاب الأولمبية في بكين، لن يجعله يهتم كثيراً بالهجوم الخاطف الذي شنه على مقاطعة "أوسيتيا الجنوبية" الانفصالية، وأن الغرب سيتدخل في الوقت المناسب لمساندته إذا ما فكرت روسيا في التصدي له. وهو ما لم يحدث بالطبع، حيث تصرفت روسيا بسرعة وحسم، في حين اكتفى الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة، بالكلمات والدعم المعنوي والمساعدات الإنسانية، تاركاً سكاشفيلي تحت رحمة بوتين الذي لم يرحمه بالطبع.
وتحت عنوان "سقوط المتسابقة الأولى"، يرى جوشوا جرين أنه رغم أن معظم الأميركيين يعرفون تفاصيل ما حدث في الحملة الانتخابية لهيلاري كلينتون، فإن نسبة كبيرة منهم لا تعرف أسباب ذلك. وهي الأسباب التي يسرد الكاتب بعضها، ومنها أن حملة "هيلاري الانتخابية" لم تكن مصممة للاستمرار لفترة طويلة لأنها كانت تعتقد أن هزيمة أوباما حتمية، ولأن جهودها لكسب تأييد المندوبين الكبار لم تكن على نفس مستوى جهود "أوباما"، ولأن حملتها بعثرت جزءاً كبيراً من أموالها على أمور غير ضرورية. أما السبب الذي يعتبر الكاتب أنه كان رئيسياً في فشل حملة "هيلاري"، فهو أن طاقمها كان يتكون من رجال ونساء ذوي شخصيات متناقضة، لم يستطيعوا أن يعملوا كفريق واحد، واختلفت آراؤهم حول الاستراتيجية التي يمكن بها مواجهة "أوباما"، مما أدى إلى تمزق جهود الفريق وتشتتها، وهو ما استفاد منه أوباما إلى أقصى حد.
"المستقبل العربي": العلم والديمقراطية
في العدد الأخير من شهرية "المستقبل العربي"، نطالع ثلاث دراسات، أولاها عن "الوطن العربي وتوطين العلم"، وقد تطرق كاتبها الدكتور رشدي راشد إلى قضايا تتعلق بتاريخ الحضارة العلمية العربية، والمجتمع العلمي والتقاليد العلمية الوطنية، والمحاولات البراغماتية لتوطين العلم في الوطن العربي... ليخلص من تحليله للخبرات التاريخية في هذه المجال إلى أنه ليس هناك نقل أو استيراد للعلم، بل هناك توطين له فقط، وأن هذا التوطين لا يمكن تحقيقه إلا بقرار من السلطة السياسية، ومن خلال تقاليد وطنية في البحث الأساسي. كما أكد الكاتب على الحاجة إلى تعريب منهجي لكل ضروب التعليم العلمي، وتشجيع المعامل الكبرى لإغناء البحث التطبيقي، والتخلص من وهم إمكانية تطوير الثقافة العلمية بمعزل عن تطوير البحث الأساسي وكذلك البحث التقني.
"نقد مفاهيم ورؤى الجابري حول العقل المستقبل"، عنوان دراسة أراد كاتبها عبدالقادر بوعرفة إبراز "أغلوطات" النسق الفكري لمحمد الجابري حول نقد العقل العربي. "الأغلوطة" الأولى تتعلق بمفهوم العقل العربي عند الجابري، والذي اعتبره مرسماً من حيث البنية والتكوين، وأنه عقل مأسور بالممارسات النظرية (الفقهية والنحوية والكلامية). لكن بوعرفة يرى أن العقل من حيث بنيته العامة، هو عقل كوني يحتكم إلى المبادئ نفسها التي تنظم عملية التفكير، مرجحاً القول بفكر عربي وآخر غربي، دون الاعتراف بوجود "عقل" أقوامي. كما ينتقد مصطلح "العقل المستقيل" الذي استخدمه الجابري، موضحاً أن الاستقالة فعل إرادي واع، يلزم عنه اختيار وحساب متعقل. أما الأغلوطة الثالثة، فيقصد بها بوعرفة قول الجابري بوجود ثلاثة تجليات للعقل العربي: سياسي، ونظري، وأخلاقي، وهو تقسيم اعتبره بوعرفة أيديولوجياً ماركسياً، لكونه يجعل من الإسلام مجرد ثورة على مجتمع طبقي قائم.
وتحت عنوان "جدلية الوحدة والديمقراطية في التاريخ والواقع العربي"، يقدم الدكتور عوني فرسخ، وجهاً جدلياً لمفهومي الوحدة والديمقراطية في السياق العربي، قوامه استحالة الفصل بين نمو وتطور الممارسة الديمقراطية في الوطن العربي، وبين التقدم على طريق الوحدة، منتهياً إلى أن الأخيرة هي الضمانة الأكيدة لتدعيم الاستقلال وتحقيق الديمقراطية.