مع اقتراب حلول شهر رمضان الفضيل، وفي ظل الارتفاع الكبير في أسعار المواد الاستهلاكية ومختلف أنواع السلع والمستلزمات، وهي ظاهرة تتوازى مع ما يجتاح العالم من موجة غلاء وارتفاع في معدلات التضخم، تبرز قضية غاية في الأهمية، وهي قضية التضامن المجتمعي، التي يجب أن تحظى بعناية كافية، ليس من قِبل الهيئات والمؤسسات الرسمية فحسب، وإنما من قبل قطاعات المجتمع كافة. ويعد مفهوم التضامن الاجتماعي والتآزر المجتمعي من أبرز الصفات وأنبلها التي تتحلّى بها المجتمعات، وهي صفات تحفزّها في المجتمع الإماراتي دوافع متعددة ومنوّعة، فهي إلى جانب كونها من الفضائل التي يحثّ عليها الدين ويشجّعها العرف السائد في المجتمع التوّاق أهله إلى فعل الخير باستمرار، تعدّ إحدى الصفات الملازمة للمجتمعات المتقدّمة اقتصادياً والمزدهرة تنموياً، حيث لم تعد أنشطة العمل التضامني والإنساني والإغاثي تقتصر على كونها مبادرات خيّرة من محسنين راغبين في مساعدة الآخرين فقط، وإنما تعدّت ذلك لدى المجتمعات المتطوّرة لتصبح منضوية تحت مؤسسات منظّمة، وتحويها برامج أعدّت بإتقان، وتقدّم ضمن جهود منسّقة، وأصبحت لها أجهزتها المتخصّصة ومعاييرها الواضحة وأساليبها القائمة على أسس مؤسساتية متقدّمة يشرف عليها خبراء متمرّسون. وفي هذا السياق، يشار إلى أن أبناء المجتمع الإماراتي من مواطنين ومقيمين، مطالبون باستغلال إطلالة شهر الخير بإحياء معاني العطاء والبذل، والإسهام في الجهود الخيرة التي تقدّمها الهيئات المعنيّة والمؤسسات المتخصّصة لتحقيق قدر عالٍ من التضامن المجتمعي والتكافل المعيشي، لما لذلك من آثار إيجابية بارزة في الاستقرار الاقتصادي لشرائح المجتمع كافة، الغنية منها والمحتاجة، إذ ينبغي على المستهلكين في الوقت الذي يحدّدون فيه، مبكراً، موازنات إنفاقهم خلال الشهر الكريم، ويقومون بالترتيبات والتجهيزات اللازمة للاستعداد له، أن يضعوا في الأذهان إفراد قسط من هذه الموازنات لإعانة المحتاجين ومساعدة المعوزين، وتقديم هذه المساعدات بشكل مباشر لمن يعرفون، أو منحها للهيئات والمؤسسات الخيرية المتخصّصة لدعم أعمالها وتسهيل مهمتها، وإنجاح مساعيها التي تحقّق إنجازات لافتة للنظر ونتائج ملموسة. ولا شك في أن الجهود التي تقوم بها مؤسسة "خليفة بن زايد للأعمال الخيرية" الرامية إلى تنمية المجتمع وتأمين الحاجات الغذائية والمعيشية للمحتاجين توفر أنموذجاً راقياً وقدوة بارزة للعاملين في هذا المجال، إذ يمثل مشروع "روشن رمضان" الذي تستفيد منه (40) ألف أسرة مواطنة، ويشتمل على تقديم (12) ألف طن من السلع الغذائية، أكبر مشروع دعم للمستحقّين منذ إنشاء الدولة، كما يعد مثالاً حياً على تصدّر قيادة الدولة الجهود الخيّرة الهادفة إلى رفاه المجتمع وازدهاره، وهي جهود تلت ما سبقها من مبادرات من قبل هذه المؤسّسة، وعلى الرغم من قصر عمرها الزمني، إذ إنها أطلقت أعمالها العام الماضي، فإنها قدمت مشروعات رائدة وذات أثر عظيم، مثل تعهدها بدفع الرسوم الدراسية لطلاب المدارس الحكومية كافة، العام الماضي، وإقامة مشروع إفطار الصائم في (90) دولة، بالإضافة إلى مشروع "المير الرمضاني" وموائد الرحمن التي يتم تنظيمها هذا العام وتقدّم فيها أكثر من مليون وجبة إفطار للصائمين. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية