تحديات ما بعد مشرف... والغرب يخسر الحرب في أفغانستان
الحصاد السياسي لأولمبياد بكين، والتدهور الأمني في أفغانستان، ومفتاح إعادة الإعمار فيه، والتعاون بين واشنطن وإسلام آباد بعد استقالة مشرف... موضوعات نعرض لها ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الأميركية...
احتفالية الحزب الشيوعي:
"بعيداً عن الميدليات الذهبية، والاستضافة الجيدة للأولمبياد، فإن قادة الصين أظهروا ألوانهم الحقيقية"... هكذا استنتجت "كريستيان ساينس مونيتور" في افتتاحيتها يوم أمس الجمعة، التي رأت خلالها أن العالم سيذكر الصين ورياضييها الذين حصلوا على ميدليات ذهبية في أولمبياد بكين 2008. الصحيفة لفتت الانتباه إلى أن ثمة قصة أخرى ستظهر بعيد الحفل الختامي للأولمبياد (يوم غد الأحد) تتمحور حول إذا كانت الصين نجحت في الانفتاح على العالم، وحازت احترامه. خلال الآونة الأخيرة، وقع أمر يذكرنا بحقيقة الصين في ظل هيمنة الحزب الشيوعي، حيث أُلقي القبض على سيدتين مسنتين تظاهرتا في منطقة خصصتها السلطات الصينية للتظاهر-بعد طلب من اللجنة الأولمبية الدولية- وذلك للاعتراض على ترحيلهما من مسكنهما، والنتيجة تعرضهما لعقوبة السجن مدة تصل إلى عام أو "إعادة تعليمهما في معسكرات العمل". وحسب الصحيفة، ثمة عشرات من طلبات التظاهر تم تجاهلها أثناء الأولمبياد، وهناك تظاهرات محدودة نُظمت لكن سرعان ما تم قمعها، كما أن كثيراً من ناشطي حقوق الإنسان الذين شاركوا من قبل في تظاهرات تندد بحالة حقوق الإنسان في الصين، قد منعوا من الحصول على تأشيرات لدخول الصين. الآلاف من سكان بكين تم نقلهم إلى مناطق أخرى من أجل تجميل العاصمة، ووصل عدد عناصر الأمن المكلفة بتسيير دوريات لحراسة شوارع المدينة إلى 400 ألف عنصر، وبعض مقاعد الجمهور الصيني ظلت خالية؛ لأن السلطات الصينية تسمح للموالين للحزب الشيوعي فقط، بحضور الفعاليات الرياضية. الرئيس الصيني أومأ بأن ثمة إصلاحات سياسية تأتي بعد الأولمبياد، فالعالم يأمل في أن ينعم الصينيون بمزيد من الحرية قريباً، لكن يبدو أن رغبة اللجنة الأولمبية الدولية في أن تساهم أولمبياد بكين في تحسين حالة حقوق الإنسان في الصين ذهبت مع الريح. المقصود من أولمبياد بكين أن تكون احتفالية صينية، لكن بدلاً من ذلك بدت احتفالية للحزب الشيوعي بألوانه الحقيقية.
"حريق في أفغانستان":
استخدمت "نيويورك تايمز" هذه العبارة عنواناً لافتتاحيتها يوم الخميس الماضي، لترصد تطورات المشهد الأفغاني، قائلة إن الأسبوع الماضي شهد هجمات هي الأشد والأعنف في البلاد، حيث شارك 100 عنصر من المتمردين الأفغان في قتل 10 جنود فرنسيين خلال هجوم على العاصمة الأفغانية كابول. وشارك عشرة انتحاريين في الهجوم على أكبر قاعدة عسكرية أميركية في أفغانستان، مما أدى إلى جرح ثلاثة أميركيين وإصابة ستة جنود أفغان، ناهيك عن هجوم آخر طال القاعدة وأودى بحياة 12 عاملاً أفغانياً. أعداد الضحايا من الأميركيين ومن عناصر "الناتو" تزداد بسرعة، وما لم يحدث شيء للحد من هذه الخسائر سيصبح هذا العام هو الأكثر دموية في أفغانستان. وحسب الصحيفة، باتت العاصمة كابول محاصرة، وعناصر "طالبان" و"القاعدة" يعززون سيطرتهم على مساحات شاسعة على الحدود الباكستانية- الأفغانية. وهذا الأمر في غاية الخطورة، فكلما سيطر "طالبان" و"القاعدة" على مساحة أكبر، ازداد ما يجمعانه من أموال نتيجة تجارة المخدرات وأنشطة السوق السوداء، وهذا بدوره يشكل تحدياً كبيراً على الحكومتين المدنيتين في كابول وإسلام آباد، وكلما ازدادت مساحة الأرض التي تسيطر عليها "طالبان"، كلما أصبح لدى "القاعدة" المزيد من حرية الحركة التي تمكنها من شن هجمات ضد الأفغان وغيرهم. وحسب الصحيفة، لم يعد ثمة وقت يمكن تضييعه، وما لم تسرع الولايات المتحدة في التحرك مع حلفائها في "الناتو" وآسيا الوسطى، فإن الغرب قد يخسر حربه في أفغانستان، والخطوات المرتقبة لا بد وأن تبدأ خلال الأسابيع القليلة المقبلة. وحسب الصحيفة، يتعين على واشنطن أن توضح لقادة باكستان أن الجيش الباكستاني لابد وأن يحول تركيزه على الهند إلى القتال ضد "طالبان"، ذلك لأن إرسال طائرات أميركية إلى باكستان يؤدي إلى تأجيج العداء للولايات المتحدة، بينما مواجهة "طالبان" يجب أن تكون مهمة من مهام الجيش الباكستاني.
"مفتاح إعادة الإعمار"
في مقاله المنشور بـ"الواشنطن بوست" يوم أمس الجمعة، توصل روبرت زوليك" رئيس البنك الدولي إلى قناعة مفادها أن الحكومة الأفغانية دشنت خلال الآونة الأخيرة جهازاً جديداً لمكافحة الفساد يتبع مباشرة الرئيس الأفغاني، ونصّبت مدعياً عاماً لقضايا الفساد. ومن تجربة كولونبيا -يقول زوليك- لا يمكن لدولة القانون أن تتعايش مع تجارة المخدرات التي تفسد الحكومات وتعصف بالقانون وقطاع الأعمال وتمول الأعداء. أفغانستان ستظل لبعض الوقت دولة ضعيفة، يعتمد مستقبلها جزئياً على ترتيبات إقليمية تحد من تدخل الجيران في شؤون أفغانستان. وتحتاج الحكومة الأفغانية إلى تعزيز التنمية والحكم الصالح في المناطق التي تحسنت ظروفها الأمنية.
"وداعاً باكستان مشرف":
هكذا عنونت "لوس أنجلوس تايمز" افتتاحيتها يوم الأربعاء الماضي، مستنتجة أن استقالة برويز مشرف من منصبه طوعاً خبر جيد، لكن الديمقراطية الحقيقية في باكستان تحتاج مزيداً من الوقت. وحسب الصحيفة، لدى واشنطن قلق من أن استقالة مشرف ستربك التعاون الباكستاني مع الولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب، خاصة على الحدود الباكستانية- الأفغانية. مشرف بات شريكاً أقل أهمية في الحرب الأميركية ضد "طالبان"، مقارنة بإشفاق كياني رئيس أركان الجيش الباكستاني، الذي يُنظر إليه كحليف لديه علاقات قوية بالاستخبارات الأميركية، وبالمسؤولين الأميركيين المعنيين بالحرب على الإرهاب، وهذا يعني أنه من غير المتوقع أن تشهد العلاقات العسكرية بين واشنطن وإسلام آباد تغيراً على الأقل في المدى القصير. وثمة أمر أكثر تعقيداً يكمن في مستقبل الحكومة الباكستانية في ظل الصراع على خلافة مشرف، والمنافسة ستكون بين مرشحين من الائتلاف الحاكم الذي يضم "حزب الشعب" بزعامة آصف علي زرداري وحزب "الرابطة الإسلامية" بزعامة نواز شريف. وترى الصحيفة أن وصول أي من هذين الرجلين إلى رئاسة باكستان سيكون كارثياً، فزرداري يُشاع عنه أنه كدس ثروات من رشى جمعها أثناء تولي زوجته رئاسة الوزراء، ونواز شريف تولى منصب رئيس الوزراء مرتين اتسمتا بانتشار الفساد وتركيز السلطة وتعليق الحريات المدنية، وهو الذي خرج من السلطة بعد انقلاب برويز مشرف. كما يوجد مرشحان آخران، لكن من غير الواضح أن لدى أي منهما الخبرة للتعامل مع التحديات الراهنة كالتضخم والتطرف الديني والتوتر مع الهند، كما أن التوتر السياسي في باكستان قد يجعل البعض يتوقون إلى الحكم العسكري كونهم يربطون بينه واستقرار البلاد. أما "كريستيان ساينس مونيتور"، فنشرت يوم الأربعاء الماضي افتتاحية، استنتجت خلالها أن مساعدة الباكستانيين على إعادة بناء ديمقراطيتهم الهشة، هي أفضل طريقة بالنسبة للأميركيين لمكافحة الإرهاب.
إعداد: طه حسيب