"ميدالية ذهبية" لبوتين... وآسيا تحدٍ للرئيس الأميركي الجديد
انتصار روسي باهظ في القوقاز، وضَعف الموقف الأوروبي تجاه موسكو، وبوادر شراكة بين سيول وبكين، وجنوب شرق آسيا تحدٍ مهم للإدارة الأميركية الجديدة... موضوعات نعرض لها ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الدولية.
"الانتصار الروسي قد يكون باهظاً":
هكذا عنونت "تورنتو ستار" الكندية افتتاحيتها أول من أمس الأحد، لتعلق على الحرب الجورجية-الروسية ونتائجها. فجراء ارتفاع أسعار النفط وتنامي الشعور الوطني المصحوب بالثقة بالنفس، لدى روسيا الآن إحساس بأنها قوة عظمى وذلك للمرة الأولى منذ سقوط الاتحاد السوفييتي. روسيا تحدت القوة الأميركية وكشفت حدود هذه القوة، ما جعل جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق تتوخى الحذر، وهو أمر ينال إعجاب الكريملن. أما كندا، كعضو في حلف "الناتو"، فإن رئيس وزرائها حذر من أن بلاده وشركاءها في الحلف ستراجع علاقاتها مع روسيا، لكن هذا يبدو مجرد كلام، فموسكو أرسلت 10 آلاف جندي إلى جورجيا، ولم يفعل "الناتو" شيئاً سوى إطلاق عبارات جوفاء وتلميحات خاوية. ومع انسحاب القوات الروسية من جورجيا، فإن الدبابات الروسية أعادت تشكيل المشهد الجيوسياسي في القوقاز، لكن انتصار بوتين يبدو أكثر تكلفة مما يبدو. وضمن هذا الإطار من المحتمل أن يتلقى الرئيس بوش ومن سيخلفه في البيت الأبيض دعوات باحتواء روسيا بعد سنوات طويلة من التعامل معها كشريك تجاري وحليف في الحرب على الإرهاب. غزو جورجيا التي لا تشكل تهديداً لروسيا، يضع سياسة موسكو في مسار خطير، شبيه بالمسار الأميركي في غزو العراق، الذي أضر بمصالح واشنطن وصورتها الخارجية. وربما تخرج روسيا من هذه الأزمة وهي أكثر نشاطاً وقوة، لكنها ستصبح أكثر عزلة داخل الأمم المتحدة، وسيكون عليها مواجهة سياسات أميركية أكثر عدائية، وأن تستعد للتعامل مع جيران يسلحون أنفسهم لمواجهة أي تنمّر روسي، وهذا السيناريو ليس جيداً لروسيا أو للعالم.
"الميدالية الذهبية في حرب بوتين":
تحت هذا العنوان، خصص "كريس باتين" مقاله المنشور بـ"ذي موسكو تايمز" الروسية يوم أمس، مستنتجاً أن روسيا أدركت أنها قادرة على انتهاج سياسة خارجية وأمنية صارمة، في حين ليس بمقدور أوروبا سوى إطلاق التصريحات. "باتين"، وهو مفوض العلاقات الخارجية السابق في الاتحاد الأوروبي ورئيس حزب "المحافظين" البريطاني، رأى أن الكريملن تجاهل أوروبا في مسألة الطاقة وعارض الجهود الأوروبية الرامية الى تدشين سياسة مشتركة في مجال الطاقة. أوروبا في حاجة إلى الغاز الروسي، لكن موسكو تحتاج إلى المستهلكين الأوروبيين، وإلى الاستثمار الأوروبي في قطاع النفط الروسي وذلك عاجلاً وليس آجلاً. يبدو أن الأوروبيين نسوا التاريخ، خاصة عندما تكاتفوا ووقفوا وقفة عسكرية أصروا خلالها على حقهم في التدخل لحماية من يشترك معهم في القيم والأعراق على مساحة تمتد من القوقاز إلى بحر البلطيق. "باتين" تساءل هل يمكن للأوروبيين أن يتوقفوا عن الكلام بخصوص قيم مشتركة بينهم وروسيا؟ وهل يوقف الأوروبيون نقاشاتهم حول دمج روسيا في المجتمع الدولي؟ هل نقلل تعاقداتنا مع الروس ونعيد النظر في عضويتهم في مجموعة الثماني، ونؤجل عضويتهم في منظمة التجارة العالمية ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية؟ وهل نضع جانباً مفاوضات التعاون والشراكة بين روسيا والاتحاد الأوربي؟ "باتين" يشك أن الإجابة على هذه التساؤلات ستكون لا. الموقف الأوروبي تجاه روسيا ضعيف وهذا سيتسبب في مشكلات أكبر في المستقبل، لقد ربح بوتين ميدالية ذهبية في حدث مفضل، وهو التنمر على جارته الصغيرة جورجيا.
"زيارة الرئيس الصيني":
هكذا عنونت "كوريا هيرالد" الكورية الجنوبية افتتاحيتها يوم أمس، لترصد زيارة الرئيس الصيني "هو جنتاو" لكوريا الجنوبية. الرئيس الكوري الجنوبي سيتبادل التهاني مع نظيره الصيني بسبب الميداليات التي ربحها البلدان في أولمبياد بكين، وهي إنجاز غير مسبوق للبلدين. لكن ثمة موضوعات أخرى تهم البلدين الذين كانا خصمين حتى مطلع تسعينيات القرن الماضي، خاصة وأنهما طورا علاقاتهما التجارية والاقتصادية بسرعة. لقاء "هو جنتاو" مع "ميونج"، هو الثالث من نوعه، الذي أكد فيه الرئيسان رغبتهما في تطوير علاقاتهما لتصبح في إطار "شراكة استراتيجية". كوريا والصين راغبتان في تدشين منطقة تجارة حرة كي ترفع من حجم التجارة بين البلدين ليصل إلى 200 مليار دولار بحلول 2010، إضافة إلى التعاون في مجالات أخرى كمكافحة الإرهاب والحد من التلوث والحفاظ على الطاقة وتعزيز التعاون في مجال التعليم. "هوجنتاو" أول رئيس صيني يزور العاصمة سيول مرتين خلال فترته الرئاسية، مما يؤشر إلى تحسن العلاقات بين البلدين، وهو ما تدلل عليه أرقام الطلاب الصينيين الذين يدرسون في كوريا الجنوبية التي وصلت إلى 33 ألف طالب، وعدد الطلاب الكوريين الجنوبيين الذين يدرسون في الصين وصل إلى 65 ألف طالب.
بوش وجنوب شرق آسيا:
خصص "تيتينان بونجسوديراك" مقاله المنشور بـ"جابان تايمز" اليابانية يوم الأحد الماضي للتعليق على سياسات واشنطن تجاه دول جنوب شرق آسيا. الكاتب، وهو مدير معهد الدراسات الأمنية والدولية بكلية العلوم السياسية في جامعة شولالونجكورن التايلاندية، يرى أن بوش ينظر إلى قيم الحرية والرخاء والأمن على أنها حجر الزاوية في سياسته تجاه دول المنطقة، مما سيترك فرصة أو مساحة يمكن لخلفه استثمارها في تطوير علاقات واشنطن ببلدان جنوب شرق آسيا. بوش اختار كوريا الجنوبية وتايلاند مستهلاً بهما جولته الآسيوية الأخيرة، فلماذا؟ الإجابة أن البلدين يجسدان أولويات بالنسبة للسياسة الأميركية، وكل منهما أبرم معاهدة تحالف مع واشنطن منذ الحرب العالمية الثانية. الكاتب أشار إلى أن عمر العلاقات بين واشنطن وبانكوك الآن 175 سنة، أي هي الأقدم بين أميركا وبلدان جنوب شرق آسيا، فتايلاند ساعدت أميركا في حربها الباردة ضد الشيوعية، وتربطها شراكة مع حلف شمال الأطلسي. كما أن موقع تايلاند الجغرافي يمكنها من لعب دور في بورما البلد الذي توليه واشنطن اهتماماً يتعلق بتعزيز الديمقراطية في المنطقة. وبعد كوريا الجنوبية وتايلاند، هناك الصين التي تحتاجها الإدارة الأميركية في حل أزمة برنامج كوريا الشمالية النووي، وذلك ضمن المحادثات السداسية، التي تضم (الكوريتين والولايات المتحدة وروسيا واليابان والصين). وعلى الإدارة الأميركية الجديدة التي تتولى زمام الأمور في يناير المقبل أن تفكر ملياً في التعاون مع رابطة "الآسيان"، وما إذا كانت ستوقع على معاهدة صداقة وتعاون مع هذه الرابطة، أو تنضم إلى تنظيمات إقليمية آسيوية أوسع كـ"الآسيان+3"، ورابطة "شرق آسيا". وعلى الرئيس الأميركي الجديد أن يتعامل مع آسيا ضمن سياسة تتجاوز الحرب على الإرهاب وملف كوريا الشمالية النووي والديمقراطية في بورما.
إعداد: طه حسيب