شهدت الفترة الماضية فيضاناً من الأخبار المرتبطة بالعقاقير الطبية المستخدمة لإنقاص الوزن أو "التخسيس". ففي بداية الأسبوع الحالي، أظهرت دراسة أجراها علماء جامعة "يوتاه" بالولايات المتحدة، أن التأثير الضار على صمامات القلب والناتج من عقارين شهيرين كانا يستخدمان لإنقاص الوزن، قد يستمر لسنوات طويلة حتى بعد التوقف عن تعاطيهما. والعقاران موضوع الخبر، كان يطلق عليهما اختصاراً "فن - فن" (fen-phen). وقد شهد هذان العقاران استخداماً واسع الانتشار في بداية عقد التسعينيات، إلى أن اكتشف أطباء مستشفى "مايو كلينيك" الشهير في عام 1997 أنهما يتسببان في ضرر بالغ في صمامات القلب. بعدها، تواترت التقارير الطبية التي تؤكد النتيجة نفسها، مما حدا بهيئة الأغذية والعقاقير الأميركية (FDA) إلى سحب العقار الأول من السوق. وكما هي العادة في الولايات المتحدة، تلا هذه التطورات سيل من الدعاوى القانونية من المرضى ضد الشركة المصنعة، نتجت عنها تعويضات بمليارات الدولارات. واعتقد أفراد المجتمع الطبي أن الموضوع انتهى عند هذا الحد، إلى أن صدرت الدراسة سابقة الذكر عن جامعة "يوتاه" خلال الأسبوع الماضي. وما أظهرت هذه الدراسة التي أجريت على قرابة ستة آلاف من المستخدمين السابقين لعقاري "فن- فن"، أن الضرر الذي حدث في الصمامين الأورطي والميترالي، استمر لعدة سنوات حتى بعد التوقف تماماً عن تعاطيهما، ولذا ينصح الأطباء المستخدمين السابقين لتلك العقاقير بإجراء فحص بالموجات الصوتية على صمامات القلب. وعلى المنوال نفسه، وإن كان هذه المرة من أوروبا ولسبب مختلف، قررت وكالة العقاقير الأوروبية (European Medicine Agency) في الأسبوع الأخير من الشهر الماضي، إصدار توصيات للأطباء بعدم وصف العقاقير المحتوية على المادة الفعالة (Rimonabant)، بسبب الاحتمالات الكبيرة للتعرض للاضطرابات النفسية الشديدة، بما في ذلك الرغبة في الانتحار. وعلى رغم أن هذه الاضطرابات لا تحدث في جميع المرضى، إلى أن صعوبة التنبؤ بمن من المرضى سيقع فريسة لها، تجعل من غير المقبول الاستمرار في صرف هذا العقار للمرضى. وإن كان لا ينبغي على المرضى الذين يتعاطونه حالياً التوقف عن تعاطيه، وإنما يجب عليهم مراجعة طبيبهم لاستشارته في الموضوع. وعلى رغم أن هذا العقار حديث نسبياً، حيث حصل على الموافقة الحكومية في بريطانيا في يوليو عام 2006، إلا أن استخدامه انتشر بشكل واسع، حيث أصبح معتمداً في 56 دولة بحلول عام 2008. ويحقق هذا العقار مفعوله من خلال تثبيطه للشهية، حيث كان يوصف للأشخاص الذين كان يبلغ مؤشر كتلة الجسد لديهم (BMI) أكثر من 30 كجم/م2، أو 20كجم/م2 إذا ما كانوا يعانون من عوامل خطر أخرى، مثل السكري أو الاضطرابات في مستوى الدهون في الدم. والغريب في هذا العقار أن هيئة الأغذية والعقاقير الأميركية (FDA)، وبعد عام من حصول العقار على الموافقة الأوروبية، رفضت الترخيص ببيعه في الولايات المتحدة، بناء على أن الشركة الفرنسية المصنعة فشلت في تقديم الأدلة الكافية على أمان وسلامة استخدامه للمرضى. والآن، وبعد أكثر من عامين على بدء تسويقه في أوروبا، وبناء على نتائج توصيات وكالة العقاقير الأوروبية نهاية الشهر الماضي، قررت الشركة المصنعة وقف بيع وتسويق الدواء حول العالم. ولكن في خضم هذا السيل من الأخبار السيئة عن العقاقير المستخدمة لخفض الوزن، وقبل يوم واحد فقط من قرار الوكالة الأوروبية للعقاقير ضد العقار سابق الذكر، ظهر خبر مبشر بالكثير من الآمال على صعيد مكافحة وباء السمنة العالمي. هذا الخبر صدر من جامعة كوبنهاجن بالدانمرك، ويتعلق بعقار جديد (Tesofensine)، أثبت قدرته على خفض الوزن بفعالية تبلغ ضعف فعالية العقاقير شائعة الاستخدام حالياً لخفض الوزن. وكان العلماء كانوا قد اكتشفوا هذا العقار بطريق الصدفة، حيث كان يستخدم لعلاج مرضى الزهايمر ومرض الشلل الرعاش. ولكن سرعان ما لوحظ أن هؤلاء المرضى، وخصوصاً البدناء منهم، قد فقدوا جزءاً كبيراً من أوزانهم بعد فترة من تعاطيهم لهذا العقار. وهي قصة شبيهة بقصة اكتشاف عقار "الفياجرا"، حيث كانت الأبحاث الأولية تجرى عليه لغرض استخدامه في علاج ارتفاع ضغط الدم والذبحة الصدرية، ليكتشف الأطباء قدرته الفائقة على علاج الضعف لدى الرجال. أما آخر أخبار السمنة وعقاقيرها، فصدر قبل أيام قليلة عن علماء جامعة "لويس باستير" في فرنسا، ونشر في دورية متخصصة في العمليات الأيضية (Cell Metabolism). وخلاصة هذا الخبر أن علماء الجامعة الفرنسية قد تمكنوا من التوصل إلى مادة كيميائية، قريبة الشبه بمادة أخرى توجد في النبيذ الأحمر، ويمكنها تنشيط العمليات الأيضية، أو العمليات الكيميائية داخل الخلايا، بدرجة تسمح للجسم بحرق الدهون بمعدلات أكبر بكثير من معدلاتها الطبيعية. مما قد يساعد الأشخاص البدناء وزائدي الوزن، أو من يتناولون كميات كبيرة من الدهون في طعامهم، على الحفاظ على وزن معتدل باستمرار. ولكن حتى إن تمكن هذا المركب الكيميائي الجديد، والذي لا يزال في طور التجارب المعملية، من تحقيق هذا الأمل المنشود، ودون أضرار ومضاعفات جانبية، فلن يغني أبداً عن النصائح الأساسية للحفاظ على وزن معتدل، مثل الاعتدال في كميات الطعام، وممارسة الرياضة أو النشاط البدني، مع الاعتماد بشكل أكبر على الخضروات والفواكه، وهي النصائح التي لا تحمل أياً من المضاعفات والآثار الجانبية للعقاقير الكيميائية الاصطناعية.