ضمن جولاته شبه اليومية لمركز اجتماعات الدوليين والتي اختتمت بنجاح كبير في دبي الأسبوع الماضي، ذكر الفريق أول سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي وزير الدفاع، أننا نسعى إلى تحقيق انجاز لم يسبقنا إليه أحد فيما يتعلق بكافة الاستعدادات الخاصة باجتماعات الدوليين·
لقد كان ذلك تحدياً كبيراً، وخصوصاً أن الاجتماعات السابقة عقدت على مدى الخمسين عاماً الماضية في بلدان متطورة في أوروبا وأميركا الشمالية·
ومن خلال لقاءاتي مع الوفود الأجنبية خلال أيام الاجتماعات، أستطيع القول إن هذا الانجاز تحقق بصورة لم يسبق لها مثيل، فأحد المسؤولين الأفارقة أشار إلى أن دولة الإمارات نجحت في تنظيم الاجتماعات بصورة رائعة، مضيفاً، أنكم تخطيتم كل من سبقكم، بما في ذلك البلدان المتطورة·
أما أحد أعضاء مجلس المحافظين من أحد بلدان أميركا الجنوبية، فقد قال إنه يحضر هذه الاجتماعات منذ عام ،1980 إلا أنه لم يرَ شيئاً من هذه التحضيرات الرائعة من قبل، ثم أضاف من المقرر أن أغادر دبي بعد الاجتماعات مباشرة، إلا أنني أجلت سفري لمدة أربعة أيام،لقد عشقت هذه البلاد·
وبحكم منصبه، استرسل قائلاً إن الاجتماعات خارج واشنطن العاصمة بعد ثلاث سنوات ستعقد في سنغافورة في عام ·2006
ونظراً إلى النجاح الكبير الذي حققته الإمارات، فإننا نتطلع إلى عقد أحد الاجتماعات في المستقبل القريب مرة أخرى في الخليج إذا ما كان ذلك متاحاً، علماً بأن الشخص المعني يمثل أحد أكبر بلدان أميركا الجنوبية·
واكتفي هنا بهاتين الشهادتين، فالإشادة من الجميع كانت كبيرة، كما أن الاستفسارات عن شخصية قائد المسيرة صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله وعن قادة الدولة وعن دبي ودولة الإمارات كانت كثيرة، وبالأخص من أعضاء الوفود القادمة من بلدان بعيدة·
أما من الجوانب المهنية، فإن الانجازات التي تحققت لا تقل شأناً، فقد طرحت وبكل قوة قضايا البلدان النامية وموقعها من التقسيم الجديد للعلاقات الاقتصادية الدولية ونوقشت العديد من المسائل المتعلقة بالتنمية وباستثمار عوائد النفط، كما اكتسب شباب الإمارات خبرة عالمية في تنظيم وإدارة اجتماعات دولية على قدر كبير من الأهمية، ما يشكل إضافة كبيرة إلى خبراتهم المميزة في التجارة وإدارة المرافق العامة، كالمطارات والموانئ ومرافق البنية الأساسية والتي تستعين بها بعض دول العالم في الوقت الحاضر·
لقد عززت الاجتماعات من موقع دولة الإمارات على خريطة العالم الاقتصادية والسياسية ووجهت إليها الأنظار كتجربة ناجحة استطاعت في فترة زمنية قصيرة أن تقطع شوطاً طويلاً على طريق التنمية والتقدم·
ليس من السهل على البلدان التي ستستضيف اجتماعات الدوليين في المستقبل أن تكرر نجاح الإمارات بالمستوى نفسه·
لقد وضعت دبي المدن الأخرى أمام امتحان صعب ويحتاج إلى امكانيات وجهود مضنية لمجاراته·
القول إننا سنحقق انجازاً لم يسبقنا إليه أحد كان تحدياً كبيراً، إلا أن عزيمة الفرسان كانت أقوى، فتحقق الإنجاز وبشهادة الجميع·
وفي الوقت نفسه فإن الصورة المشرفة التي قدمتها الإمارات أعطت انطباعاً جميلاً عن مقدرة ليس دولة الإمارات العربية المتحدة فحسب، وإنما البلدان العربية حول تنظيم وإدارة مؤتمرات على هذا المستوى المتطور إدارياً وتقنياً حيث توفرت في قاعات المؤتمر أحدث أجهزة الاتصالات وأكثرها تقدماً·
من هنا نستطيع أن نخرج بنتيجة مهمة، تكمن في قدرة البلدان النامية على الارتقاء بخدماتها ومستوياتها المعيشية، وذلك إذا ما توفرت لها القيادة القوية والإدارة الجيدة·
لذلك، فإن دولة الإمارات في هذه المناسبة تقدم نموذجاً ناضجاً لما يمكن أن تكون عليه البلدان المنتجة للنفط بشكل خاص والبلدان النامية بشكل عام·
هل تستطيع دولة إقليمية أو نامية أخرى تكرار هذه التجربة الناجحة في المستقبل؟ نأمل ذلك، وخصوصاً أن دولة الإمارات عودتنا دائماً على وضع تجاربها الناجحة في خدمة أشقائها وأصدقائها في مختلف بلدان العالم.