نقل عن أحد فلاسفة عصر التنوير الأوروبي، قوله إن المربي أولى بمن يتولى تربيته . فالمعلم الذي يطلع بأهم دور تربوي في المجتمع، لا بد أن تتوفر في شخصيته وفي محيطه أيضا، كل الخصائص الإيجابية التي يريد غرسها في الجيل الناشئ حتى يتمثلها أفضل تمثل. فالتعليم والتوجيه التربوي عملية متكاملة تقوم على الإقناع والتأثير الإيحائي، هذان عنصران لا يتوفران إلا من خلال المثل الحي، ثم الصدق الكامل في القول والفعل.
ولعل الثابت في أزمة التطور العربي، هو تلك الفجوة الهائلة بين ما يقال وبين ما يحدث فعلا. فالصدق يكاد يكون منعدما في العلاقة بين الأب والابن وبين الزوج وزوجته، وبين الرئيس ومرؤوسيه، وبين القاعدة والقمة.. ولكن أيضا بين التلميذ ومعلمه، وهنا تكمن أم الكوارث حين يعجز الطفل عن الوثوق في ما تقدمه له المدرسة· إنه حينئذ لا يصاب فقط بفقدان القدرة على الفهم والاستيعاب، لكن حالته النفسية تتأثر تأثرا مدمرا بسبب الهوة التي لا يستطيع التعايش معها، بين ما يقال وما هو واقع فعلا.
الحقيقة أن بعض المعايير في تقويم المعلم، مثل الشكل الخارجي والمعلومات العامة والشهادة وبعض المهارات الأخرى... لا تمثل في الواقع إلا جزءاً غير أساسي مما يجب أن يتوفر في المعلم؛ من استقامة خلقية وصدق في القول وفي الفعل، وإخلاص للمهنة التي أصبح يعتبرها الكثيرون مجرد محطة عابرة في انتظار أن تتوفر وظيفة أخرى ذات مردود مادي أفضل. فكم من الاهتمام بقي لدينا تجاه رسالة المعلم؟
حمد عامر - الشارقة