تستعد هيئة تنمية وتوظيف الموارد البشرية الوطنية في هذه الفترة الانتقالية من عملها وبالتعاون مع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، لتنفيذ قرار مجلس الوزراء الخاص باستحداث نظام للعقوبات يتم تطبيقه في حال عدم التزام شركات التجارة العامة بقرار 2% لتوطين الوظائف.
ولا يعقل أن تنتظر هذه الشركات حتى تنتهي الجهات المعنية من مسودة هذا النظام ومعرفة بنوده وشروطه لكي تبادر على ضوئها في تنفيذ ما عليها، ليس خدمة لقضايا الوطن والمواطنين بقدر خشية الوقوع تحت طائلة العقوبة.
نود من الجميع ألا يذهب بالتوطين هذا المنحنى فمبدأ العقوبة وارد لا محالة إذا استمر البعض في المماطلة، إلا أن القيام بمبادرات إيجابية قبل انتهاء السنة المالية 2004 أو البحث عن مخارج للتوطين السريع في الثواني الأخيرة لمجرد بلوغ النسبة المحددة، سيضيع الهدف الحقيقي. لأن النسبة المحددة من قبل الحكومة ليست هدفا مستقلا بذاتها، بقدر ما هي تفعيل لدور المواطن كجزء من عملية تطويره وتنمية القطاع الخاص والموارد البشرية الوطنية. لقد آن للقطاع الخاص أن يلعب دور المساند لتحقيق أهداف حكومتنا من خلال الوصول إلى المصالح المشتركة بين القطاعين وتضييق الفجوة لإنجاح عملية التوطين.
ففي التاريخ مثل نضربه حول نظرية الاستخدام بين السيد والخادم. فقد كان لعلي رضي الله عنه خادم كسول لا يستمع إلى أوامره من أول مرة، بل كان يسيئ الأدب بين يدي سيده فينام على بطنه لا مباليا بالظروف ولا بالمكان، ولا يقوم بواجباته إلا إذا أشهر في وجهه سلاح العقوبة في كل حين، حتى عجزت العقوبة عن أداء دورها، فلم يكن من علي إلا تسريحه قائلا: إذا كنت لا تطيع إلا بالعقوبة فلا حاجة لي إليك. لم تلجأ الحكومة إلى إجراءات العقوبة إلا بعد سنوات طويلة من الحث والتنبيه والتحذير واستخدام ألطف العبارات لتشجيع القطاع الخاص على المبادرة الذاتية، إلا أن الندرة هي التي كانت تستجيب وعلى استحياء أحياناً. أما البقية فلا صوت لها يسمع ولا صدى يسترجع.
وقد ذهبت الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية هذا المنحنى عندما وجه وزير العمل تحذيرا لنحو 200 مؤسسة سعودية من أنها ستواجه عقوبات جزائية تشمل الحرمان من الاستقدام ومن دخول المناقصات الحكومية إذا لم تبدأ بتوظيف السعوديين.
وذكر على لسان الوزير، أن هذا الموقف السلبي من تلك المؤسسات والشركات التي بلغت نسبة السعوديين فيها صفراً، لابد أن يقابله موقف سلبي من الدولة ومن المواطنين على حد سواء.
وستوجه الوزارة رسائل شخصية إلى أصحاب تلك المؤسسات والشركات لإعطائهم مهلة ستة شهور لبدء برنامج فعال للسعودة. وتشير إحصاءات وزارة العمل السعودية إلى أن عدد العاطين عن العمل من السعوديين بلغ نحو 300 ألف عاطل.
الإمارات لن تقف متفرجة في المرحلة القادمة. فقد جاء الوقت الذي فاض فيه الكيل وطفح ميزان الظلم بين نسب تواجد القوى العاملة الوافدة في القطاع الخاص والنسبة المتعلقة بالمواطن. المقارنة جائرة بين أكثر من 98 % وأقل من 2 %، والدولة لم تطالب القطاع الخاص إلا بإضافة 2% أخرى إلى قطاع التجارة العامة. فمتى نسمع عن نداء المبادرة قبل صدور نظام العقوبات والغرامات بالدولة؟!