ليست فضيحة هايتي إلا حلقة في مسلسل طويل بلا نهاية مؤكدة، مسرحه أعضاء الأجساد المنكوبة بكارثة الزلزال...إنها استمرار لفضيحة طويلة لم تكشف إلا العام الماضي على يد صحفي سويدي حين كشف عن سرقة اليهود لأعضاء الشهداء الفلسطينيين. فالعهد القديم ينص على مشروعية قتل الأغيار في حال تم انتهاك أو "تعرض شعب إسرائيل للخطر"، ويستند أصحاب الفتوى الصهيونية إلى التوراة والشريعة اليهودية. وعليه فإن قتل الأطفال والمسنين وكل ما يشكل خطراً على الشعب المختار عليه أن يدفع الثمن حياته، ليس أقل من هذا، واليوم يعلنون عن إجرامهم المتجدد باستغلال كارثة إنسانية بكل المقاييس، من خلال سرقة اليهود بدم بارد أعضاء بشرية لموتى في هايتي، غيبتهم الصدمة وفزع ارتجاج الأرض غير المتوقع. فلا تقوم مذبحة على أرض فلسطين، إلا وكان الحاخامات قد أصدروا فتوى كالتي أصدرها الحاخام الرئيسي السابق في إسرائيل "مردخاي إلياهو" في عام 2007، حين دعا حكومته إلى شن حملة عسكرية على غزة، واعتبر أن المس بالمواطنين الفلسطينيين الأبرياء أمر شرعي مستنداً، إلى قول تاريخي مزعوم أن سيدنا داود دعا لملاحقة الأعداء وعدم العودة قبل قتلهم! فالسرقة إذا مباحة، بل ومفروضة حتى لو كانت لضحايا زلزال، فالدين لديهم يحثهم على استغلال كل الأغيار ما دام الأمر يصب في مصلحة الدولة الصهيونية. وفي أمة تعاني القلق، يتم السعي بكل قوة إلى السلام، ونقول لهم نحن أنصار السلام. لكن تاريخهم حي ما زال ينبض بالغدر والضغائن مهما حاولنا أن نثبت عكس ذلك. فتحت لافتة مكافحة الإرهاب، كان المبرر السمج بضرورة فتح قنوات حوار معهم، وذلك رغم حقيقة ما يكنون لنا وما تقوله التوراة عن الأغيار. ذاكرة الشعوب لا تشكو العطب، أو فقدان الحقائق، إن دماء صغار غزة ما زالت طرية، وما يزال القدس أو قبلتنا نحن المسلمين يشكو تعديهم على تاريخ ومكان مقدس لكل الأديان. ليس غريباً أن يسرقوا أعضاء الأبرياء، ولكن الغريب عدم رفض هذا السلوك اللاإنساني، وعدم الضغط لإيقاف نزف غزة وجوعها وإغراقها بسيول مؤلمة. لسنا أبداً بمأمن من غدرهم، وليس من شيمنا أن ننسى الغدر الذي وصم به تاريخهم المليء بحكايا كابوسية تعرّفهم بأنهم أهل المكر والخديعة على مر التاريخ بلا منازع. وقد كانت الحقائق التي كشفها الصحفي السويدي "دونالد بوستروم" بسرقة أعضاء القتلى الفلسطينيين فرصة أخرى للكشف عن حقائق مروعة تكذبها صحفهم، وتؤكدها حقائق تتوالى فاجعة، وأن أوكرانيا قد اتهمت إسرائيل باختطاف أكثر من عشرين طفلا واستغلال أعضائهم. وقد اعترف رئيس سابق بمعهد الطب الشرعي بهذا الأمر، لكنه أكد على أنها ممارسات حدثت وتوقفت. تفاصيل هذه القصة مروعة، وكأنها تحدث في سينما الرعب والخيال، لأن السرقة بهذا الكم تفوق الوصف أو التصور. ولأن لافتة المعاداة للسامية هي المبرر القاتل دوماً، فإن اليهود لم يعترفوا طوال تاريخهم بذنب اقترفوه أو حتى اعتذروا عنه . وحتى لا نقع في فخ الاستغلال التاريخي الذي تمارسه دولة عنصرية بكل المقاييس، لابد من غضب ورفض واعتراض، حتى لو كان صوتياً. ولابد من حب لأرض مقدسة وتاريخ مضيء يحمي القدس من انتهاكات أوشكت على تهاويها والسقوط بها نحو هاوية النسيان.