الصحافة الأميركية
مقاربة جديدة لمساعدة هايتي...ومهمة أوباما الأولى ”خلق الوظائف"
كيف يمكن الإسراع في مساعدة منكوبي زلزال هايتي؟ وهل أصبح توفير الوظائف هم أوباما رقم 1؟ وماذا عن مشكلات بعثة الأمم المتحدة في الكونجو؟ وهل بات الانقسام سيد الموقف عند الحديث عن استراتيجية أوباما في أفغانستان؟ تساؤلات نجول في الصحافة الأميركية بحثاً عن إجاباتها.
كيف نساعد "الهايتيين؟"
تحت عنوان "أميركا يجب أن ترحب بالهايتيين"، نشرت "واشنطن بوست" يوم أمس افتتاحية، رأت خلالها أن الولايات المتحدة تفاعلت بكرم مع الكارثة التي ألمت بهايتي. الاستجابة كانت ضخمة من ناحية تبرعات الأشخاص والمؤسسات الخيرية والمنظمات، وأيضاً من حيث المساهمة بالقوات، والمساعدات الطبية ودرجة الاهتمام العالية من الحكومة الأميركية. لكن إدارة أوباما يجب أن تقدم المزيد وبسرعة، كي يتم وصول المساعدات المالية وجهود إعادة الإعمار إلى العائلات الهايتية، التي باتت في أمس الحاجة إليها. وحسب الصحيفة، يمكن تحقيق هذه الأهداف بالسماح للهاتيين ممن لهم أقارب في الولايات المتحدة باللحاق بأقاربهم، وهو حل عملي، لكن السلطات الأميركية جمدت إصدار التأشيرات للهايتيين، والنتيجة قد تسفر عن زيادة عدد الهايتيين ممن يخاطر باستخدام القوارب، والتوجه صوب الشواطئ الأميركية. الصحيفة أشارت إلى أن الحكومة الأميركية، وافقت بالفعل على طلبات التماس لـ 55ألف هايتي، ممن لهم أسر في الولايات المتحدة، أو أشخاص يتمتعون بإقامة دائمة في أميركا، غير أن المشكلة تكمن في الانتظار الطويل، لطالبي تأشيرات الدخول إلى الولايات المتحدة، ذلك مراعاة للقيود التي يفرضها الكونجرس، على عدد محدد يسمح له بالحصول على التأشيرات سنوياً. لكن هذا العدد إضافة إلى 19 ألفا آخرين ممن قدموا طلبات للحصول على تأشيرات سيتوجهون حتماً إلى الولايات المتحدة، مما يستوجب سرعة استيعابهم، بحيث يتم نقلهم جواً بمعدل 5 إلى 10 آلاف نسمة شهرياً، وهذا من شأنه تخفيف معاناة المنكوبين، خاصة وأن زيادة عدد الهايتيين في الولايات المتحدة سيزيد من حجم تحويلاتهم إلى بلدهم والتي تشكل ثلث الناتج المحلي الإجمالي لهايتي.
"حالة الاتحاد"والوظائف:
خصصت "كريستيان ساينس مونيتور" افتتاحيتها ليوم الأربعاء الماضي، لرصد خطاب "حالة الاتحاد" الذي ألقاه أوباما الأسبوع الماضي. الصحيفة اهتمت بموقف الرئيس الأميركي المتمثل في منح رجال الأعمال إعفاءات ضريبة في حال قاموا بتشغيل موظفين جدد. الخطوة تراها الصحيفة الأكثر فعالية، لتوفير الوظائف، لكنها تأخرت عاماً كاملاً. العنوان أو الرسالة الأبرز لهذا الخطاب كانت التالي: (الوظيفة رقم واحد للرئيس أوباما هي توفير الوظائف". الصحيفة لفتت الانتباه إلى أن أوباما تعهد قبل عام بتوفير وظائف في القطاع الخاص، لكن لم ير الأميركيون شيئاً، فمعدلات البطالة وصلت إلى 10 في المئة، أي مرتفعة بمقدار درجتين عما خطط له الرئيس الأميركي، خاصة عندما وضع حزمة التحفيز الاقتصادي البالغ قيمتها 787 مليار دولار، كما أنه منذ بداية الركود عام 2007، بات ما يزيد على 15 مليون أميركي يعيشون بلا وظيفة.
بعثة الأمم المتحدة في الكونجو
في افتتاحيتها ليوم أمس، وتحت عنوان "بعثة الأمم المتحدة في الكونجو في مفترق طرق"، استنتجت "لوس أنجلوس تايمز"، أن وحدات الجيش الكونجولي اتهمت بارتكاب الانتهاكات نفسها، التي ترتكبها عناصر التمرد. الصحيفة نوهت إلى أن بعثة الأمم المتحدة في الكونجو، على وشك أن تفقد مصداقيتها، فتحت سمعها وبصرها، وطوال السنوات العشر الماضية، قُتل وشُرد ملايين من الكونجوليين، ناهيك عن الاغتصاب والإجبار على العمل في المناجم لاستخراج المعادن النفيسة.
بالتأكيد لا يمكن إلقاء اللوم على قوات الأمم المتحدة المعروفة بـ"مونيك"، سواء ما يتعلق بالانتهاكات أو العصيان المدني الذي يقوده متمردون من رواندا. فالجنود الكونجوليون، الذين يقاتلون "الجبهة الديمقراطية لتحرير رواندا" اتهموا بارتكاب جرائم في حق المدنيين، لكنهم يختلفون عن عناصر التمرد، كونهم، يحصلون على دعم لوجستي من قوات الأمم المتحدة. هذه الأخيرة، بدأت العمل في الكونجو، نهاية التسعينيات، كقوة حفظ سلام مهمتها تقديم الغذاء والوقود، والمساعدات الطبية، وخدمات النقل، والذخائر للقوات الحكومية الكونجولية، كي تسترد الأخيرة المناطق التي سيطرت عليها حركة التمرد. لكن المشكلة تكمن في أن تحقيق هذه الأهداف يبدو محيراً، على سبيل المثال، أعلنت الأمم المتحدة في نوفمبر الماضي، أنها سحبت الدعم اللوجستي من إحدى وحدات الجيش الكونجولي، بعدما ثبت، أنها قتلت عمداً 62 مدنياً. وخلال الشهر الماضي، قالت "هيومان رايتس ووتش": إن ضابطاً يقود وحدة من وحدات الجيش الكونجولي، أمر بارتكاب مذبحة، وظل في منصبه، ويتلقى الوقود وغيره من القوات الدولية. ويبقى السؤال: هل تستطيع الأمم المتحدة، مساعدة الحكومة الكونجولية في التغلب على المتمردين، الذين عذبوا وقتلوا المدنيين، حتى في ظل تورط الجنود الكونجوليين في انتهاكات لحقوق الإنسان؟ الصحيفة تقول إن مرحلة جديدة أقدمت عليها بعثة الأمم المتحدة في الكونجو. التي بات اسمها الآن "أمانيليو سواحيلي"، أو "السلام اليوم"، وبات هدفها مساعدة الكونجوليين على تأمين، المناطق المحررة من عناصر التمرد، والسعي لزعزعة فصائل التمرد، وإجبارها على إلقاء السلاح. وبعد عشر سنوات على انتشار قوات الأمم المتحدة في الكونجو، لم تتحقق سوى نجاحات قليلة، وتثار كثير من الشكوك، حول ما تستطيع هذه القوات تحقيقه، ومع ذلك يمكن أن تستعيد القوات الأممية مصداقيتها، وهذا هو ما يتعين تحقيقه خلال الشهور المقبلة..
"تصدع عام في أفغانستان":
تحت هذا العنوان ، وفي مقالها المنشور، بـ"فلاديلفيا إنكوايرير"، أشارت "ترودي روبين" إلى أن المسؤولين الأميركيين، توجهوا الأسبوع الماضي إلى لندن لحشد الدعم الدولي لأفغانستان. مؤتمر لندن شمل ممثلين من 60 دولة اجتمعوا لصياغة استراتيجية لمساعدة الأفغان، لكن ثمة تساؤل غير مريح مفاده: هل فريق أوباما يريد إفشال استراتيجيته في أفغانستان؟ هذا التساؤل مصدره: عدم قدرة أوباما على حل المشكلات الخاصة بهذا البلد، داخل أروقة الإدارة الأميركية، والتي تمت مناقشتها في الحوارات التي انطلقت العام الماضي بعد إعلان أوباما لاستراتيجيته تجاه أفغانستان. الكاتبة دللت على الارتباك الأميركي، بتسريبات مفادها أن السفير الأميركي في أفغانستان، "كارل إيكنبري" انتقد الرئيس الأفغاني بشدة، وعارض إرسال مزيد من القوات الأميركية. هذا ربما يشي بأن البيت الأبيض لا يزال منقسماً في ما يتعلق بأفغانستان، وأنه لا يوجد تيار له الغلبة. وحسب الكاتبة، إذا كانت الشكوى من الرئيس الأفغاني في محلها، فإن الولايات المتحدة، ليس لها من خيار، سوى التعامل معه. وإذا كان الأميركيون محظوظين، فإن قرضاي قد يُحسّن أداءه، مثلما فعل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي. وإذا ظل قرضاي مثيراً للمشكلات، فإن المسؤولين الأميركيين، سيحيطونه بوزراء ومسؤولي أقاليم فاعلين. ومن ناحية أخرى، ثمة تسريبات تتعلق بجون بايدن نائب الرئيس الأميركي، فهو يعارض "زيادة القوات"، ويدعم استراتيجية واضحة لمحاربة الإرهاب: مطاردة "القاعدة" و"طالبان" أفغانستان في ملاذاتهم داخل باكستان. لكن هذه الاستراتيجية يصعب البدء بها: فالولايات المتحدة لن ترسل قواتها إلى باكستان، ولا الجيش الباكستاني، سينهمك في قتال جماعات باكستانية، كما أن أي مجهود، أميركي، للتوسع في استخدام غارات بطائرات من دون طيار، داخل باكستان، سيحول عامة الباكستانيين والجيش الباكستاني في اتجاه مضاد للأميركيين.
إعداد: طه حسيب