سنوات مضت والحرب في أفغانستان ما زالت مستمرة، الكل خاسر في هذه الحرب، فالأفغان الفقراء هدمت عليهم بيوتهم باسم الحرب على الإرهاب، والتي تجسدت في حرب الولايات المتحدة على "القاعدة" و"طالبان". لن أسرد لكم الأرقام المزعجة عن القتلى والجرحى في هذه الحرب. ومن جانب آخر فخسارة الحلفاء ليست بسيطة في هذه الحرب فجثث الموتى من الجنود باتت تشغل السياسيين في دارهم، وأضحى المواطن الذكي في أميركا وأوروبا، يطرح أسئلة حول الحرب، ملخصها: لماذا يموت أبناؤنا في هذه الحرب؟ وهناك خسارة المال الذي لم تعد ميزانيات الدول تتحمله. الحرب باختصار خراب للعباد وللبلاد، ويبدو لي أن هذه الحرب لن تنتهي، وقد ذكر رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة في "الجارديان" الأسبوع الماضي أن الحملة الحالية في أفغانستان لن تنتهي قريباً. من جانب آخر، ذكرت صحيفة "واشنطن تايمز" أن حركة "طالبان" خلال العامين الماضيين زادت صفوف مقاتليها بنحو 35 في المئة، وكشف للصحيفة مصدر في الاستخبارات العسكرية الأميركية أن عدد "طالبان" يصل إلى 27 ألف مقاتل، أي بزيادة 7 آلاف مقاتل عن عام 2008. "وقد أعجبني ما ورد في the NY review of books في مقال المحلل الباكستاني أحمد رشيد، وهو خبير بارز في الشؤون الأفغانية: "إن القادة العسكريين الأميركيين يدركون أنهم لا يستطيعون شق طريقهم بالرصاص نحو الانتصار ". ومن جانب آخر حذر ممثل الأمم المتحدة في أفغانستان من أن الاستراتيجية العسكرية في أفغانستان تعاني نقصاً مضيفاً أن التركيز العسكري، يأتي على حساب استراتيجية سياسية منطقية بقيادة أفغانية داعياً في "التايمز" إلى التوقف عن العمل وفقاً لاستراتيجيات تتخذ بعيداً عن أفغانستان. مما سبق يتبين لنا أن الحرب في أفغانستان تتجه نحو التعقيد لا الحل، والمراقبون يكادون يجمعون أن الحكومة الأفغانية الحالية لا تحكم في واقع الأمر إلا أجزاء من كابول، وفي النهار فقط، بينما الليل تحكمه قواعد أخرى. والسؤال الذي يحتاج إلى جواب من هم "طالبان" هؤلاء الذين يحاربهم الأميركيون في أفغانستان، كي أساعدكم على الجواب هم من أفغانستان، وينتمون إلى البشتون أكبر عرق قبلي في أفغانستان، وهم من حاربوا وحرروا أفغانستان من الروس. بلغة أخرى هم من لا يستطيع أحد أن يميزهم عن الشعب الأفغاني، فبمجرد أن يُلقي "الطالباني" سلاحه ويمشي مع الناس في الشارع، لا تستطيع أن تعزله عن غيره من الأفغان. من يعرف "طالبان" أكثر مني عليه أن يضيف إليها بعداً آخر وهو نفسية الأفغان، ذلك الشعب الذي لم يتمكن غاز من البقاء في أرضه عبر التاريخ، فهل تحلم قوات الحلفاء أن تغير التاريخ أو أن تعدل في التركيبة النفسية للشعب الأفغاني؟ إن تمكنوا من ذلك، فالنصر قريب منهم، وإلا فإن انسحاباً مبرمجاً وذكياً إلى خارج أفغانستان، ربما يحمي جنوداً جاؤوا للحياة من جنود يرغبون في الموت.