تكريم رمز العطاء
لا شكّ في أن حصول سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسريّة، على "جائزة سلطان بن علي العويس، فئة الإنجاز الثقافي والعلمي"، في دورتها الحادية عشرة 2008-2009، يمثل تكريماً مستحقّاً لـ"أم الإمارات"، التي تكشف أعمالها وإنجازاتها في مجال النهوض بالمرأة الإماراتيّة وتمكينها عن دورها الرّائد في خدمة الوطن، وهو الدّور الذي كان، ولا يزال، محطّ تقدير وإشادة، ليس على الساحة الإماراتيّة فقط، وإنما على المستويين الإقليمي والدولي.
لقد كرّمت "مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية" بتكريمها سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، قيماً نبيلة تميّز مسيرة سموها الطويلة في العمل على رفع شأن المرأة الإماراتيّة، وتعظيم مشاركتها في الشأن العام باعتبارها نصف المجتمع وقوّة بشرية يحتاج إليها الوطن في عمله من أجل التقدم والترقّي، في مقدّمتها قيم العطاء والتفاني في العمل، وحب الوطن، والثقة بقدرات المواطن والمواطنة الإماراتيين وإمكاناتهما، والدّور الذي يمكن أن يقوما به في خدمة الإمارات إذا ما توافرت لهما الأطر التي تساعد على تفجير طاقاتهما واستثمارها بالشكل الصحيح.
إن التكريم المستحقّ الذي حصلت عليه أم الإمارات من "مؤسسة سلطان بن علي العويس"، هو تكريم كذلك لكلّ امرأة إماراتية في مواقع العمل والعلم والإنجاز كلّها، حيث تمثل المرأة قضيّة سموها الأساسية التي عملت وتعمل من أجلها، من منطلق إيمانها بأن المجتمعات الثريّة والحيوية والطامحة إلى تقدّم الصفوف على الساحة الدولية، هي المجتمعات التي تستثمر طاقات أبنائها كلّهم، رجالاً ونساءً، في مضمار التنمية، كما أنه تكريم للمرأة العربيّة التي عملت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك على الارتقاء بها من خلال دورها في "منظّمة المرأة العربيّة"، والإنجازات التي حقّقتها هذه المنظمة خلال فترة رئاسة سموها لها.
لقد حصلت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك على الكثير من أنواط التقدير والتكريم من مؤسسات دوليّة وإقليميّة مختلفة، في مقدّمتها منظمة الأمم المتحدة، باعتبارها علامة بارزة في منطقة الخليج والشرق الأوسط في مجال دعم المرأة والنهوض بها، إلا أن التكريم الوطني من مؤسسة وطنيّة تظلّ له قيمته الخاصة وأهميته الاستثنائيّة، لأنه جاء من الوطن، الذي عملت سموها وتعمل من أجل نهضته وتقدّمه ورفعته، ويعكس لمحة وفاء إماراتيّة لشخصية قدّمت وما زالت تقدم الكثير إلى دولة الإمارات وأبنائها.
إن الوضع المتقدّم الذي وصلت إليه المرأة في الإمارات في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها، بحيث إنها أصبحت وزيرة وسفيرة وقاضية، لم يأتِ من فراغ، وإنّما من رؤية ثاقبة للقيادة في دولة الإمارات منذ عهد المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وهي الرّؤية التي يسير عليها، ويضيف إليها، ويعزّزها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة -حفظه الله-، وتعمل أم الإمارات، بتعليمات سموها وتوجيهاتها، على تحويلها إلى برامج عمل وإنجاز تستند إلى أطر مؤسسيّة وتشريعيّة حديثة.
لقد أسهمت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك في الارتقاء بالمرأة من دون المساس بالخصوصيات الدينيّة والثقافيّة والحضاريّة، وفي ذلك تقدّم الإمارات نموذجاً مهمّاً جديراً بالاحتذاء في منطقة الخليج والعالم العربي.