سنون ... من جُرح فلسطين
لا يستطيع أحد تجاوز، أحداث الساحة الفلسطينية، هذه الأيام، دون تعليق يليق بمجريات الحراك الواقعي والسياسي في الأراضي المحتلة. فقد تفاجأ نائب الرئيس الأميركي خلال زيارته للأراضي العربية المحتلة بإعلان الحكومة الإسرائيلية دق مسمار جديد في نعش السلام المنشود في المنطقة، ذلك الإعلان الذي اعتبر أكبر أزمة دبلوماسية تمر بها العلاقة الإسرائيلية- الأميركية... ولكن هذه الأزمة سرعان ما يتم تجاوزها بمجرد أن يتذكر الدبلوماسي الأميركي قوة "اللوبي" الإسرائيلي في بلاده. من هنا وبالرغم من كل التصريحات النارية التي تابعناها في الإعلام الغربي نرى في النهاية تأكيد الدبلوماسية الأميركية أن إسرائيل ستبقى الحليف الأميركي الاستراتيجي، فلماذا توقع العرب أكثر من ذلك من الأميركيين الذين يؤكدون دائماً، المصلحة ثم المصلحة، هو ما علمتنا الأحداث من التاريخ القريب والبعيد.
وفي ظل هذه الأزمة تعلن إسرائيل تدشين "كنيس الخراب" في القدس المبارك... إعلاناً منهم أن هذه الأرض يهودية، وستبقى كذلك برغم كل ما قاله العالم وخطه من مواثيق وعهود تقتضي، احترام كون هذه الأراضي عربية، وينبغي أن تكون كذلك. والأغرب من كل هذه الأمور ما ورد على لسان أكثر المتحدثين الإسرائيليين حتى في ثنايا اعتذارهم لنائب الرئيس الأميركي أن خطط إسرائيل مستمرة، ولا تستطيع أي حكومة التراجع عنها في المستقبل. هذه الخطط تتلخص في تهويد الأراضي العربية بتغيير التركيبة الديموغرافية، وذلك بتهجير السكان الأصليين وهم العرب، وإحلال المهاجرين اليهود مكانهم. وبلغة أخرى تحويل المواطنين الفلسطينيين إلى مهاجرين مدى الحياة، وتسكين من لهم وطن سابق في شرق العالم أو غربه داخل فلسطين. والسؤال: كيف يتعامل العرب مع هذه الأحداث؟
لما أعلنت السلطات الأمنية في الإمارات توجيهها التهم لعناصر "الموساد" الإسرائيلي بارتكاب جريمة قتل على أراضي الدولة، في نفس الأسبوع، وافقت اللجنة الخاصة في جامعة الدول العربية على استمرار التواصل مع الإسرائيليين لتحقيق مشروع السلام المزعوم في المنطقة، توقعنا من الجامعة موقفا أشد من هذا، ولكن الجديد في العرب أنهم فتتوا القضية الفلسطينية إلى ملفات جزئية غير مترابطة اعتقاداً بأن تفتيت فلسطين إلى قضايا جزئية يجعلنا نحقق انتصارات على اليهود الذين يقرون في دستورهم أن فلسطين والقدس تحديداً أراض يهودية، لا يجوز التنازل عنها.
الإشارة الثانية التي سنوجهها كعرب إلى اليهود في موقفهم الرامي لاستهداف الأقصى، ستتبلور في الأيام القادمة بعد فوات الأوان.
الشارع العربي يغلي في فلسطين وخارج الأراضي المحتلة، ويتوقع من الدبلوماسية العربية أن تقتنص هذه المواقف، كي نظهر للعالم محبين للسلام، لكننا جاهزون لمواقف أخرى، لأن صورة العربي لدى الغير اليوم هي أنه يحب الاستسلام ويكره المواقف الصعبة، وفي نفس الوقت تعلم العالم منا سرعة الغليان وفي مقابلها سرعة النسيان، بالرغم من أن الإسرائيليين يذكروننا بين فترة، وأخرى أن مسيرتهم، كونهم الأقوى في المنطقة مستمرة، وهذا لن يحدث إلا بأن يتحول العرب إلى أضعف حالة، فما هي المواقف الجديدة التي سنواجه بها إسرائيل غير أطنان الكلام والسلام؟