أصوات كثيرة بدأت ترتفع على امتداد الوطن العربي تنادي بالإصلاح بكامل أبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية خدمة لشعوب المنطقة أو ما يسمى، وفق المنظور الغربي، بـ"الشرق الأوسط الكبير". لكن حسب ما هو واضح لجميع أو أغلب مفكري العرب فإن الحديث عن الإصلاح حق يُراد به باطل. والدليل على ذلك أن الغرب استطاع أن يقنع النظام الرسمي العربي بأن الإصلاحات لا تأتي من الخارج ولا تُفرض فرضاً من قبل حاملات الطائرات أو قاذفات الصواريخ العابرة، وإنما تنبع من حاجة ذاتية ورغبة ملحة تختلف من قطر لآخر حسب ظروفه وما يعانيه من تحديات داخلية. ولهذا كانت النظرة السورية لهذا الموضوع أكثر صدقية حيث تتمثل في أن عملية التطوير والتحديث أكثر شمولية من عملية الإصلاح لأن الأخيرة تعني أن الوضع الحالي غير صالح ويحتاج إلى إصلاح، وهذا غير منطقي؛ فالتحول التدريجي، الذي ينبع من احتياجات داخلية، حتى وإن كان بطيئاً، سيفيد المجتمعات العربية ويجعلها تتقدم بوتيرة لا بأس بها.
في الحقيقة إن "الإصلاح"، وفق المنظور الغربي، لا يصب في صالح العرب وإنما الغرض منه تكريس الهيمنة الإمبريالية على المنطقة وزرع بذور الفتن وإشغال العرب في حروب ومشكلات داخلية حتى يتسنى للغرب نهب ثروات الشعوب، والنموذجان الأفغاني والعراقي خير دليل على ذلك.
إن الإصلاحات التي تطالب واشنطن العرب بتنفيذها تعني ببساطة تامة الاستسلام غير المشروط لإسرائيل، ومن ثم قتال بعضنا بعضاً فهل هذا حقا يصب في مصلحتنا؟ ولماذا لا يكون التطوير والتحديث هما الأفضل طالما أنهما ينبعان من قناعة ذاتية دونما إملاءات من أحد وبما يلبي متطلباتنا؟
عبد الإله علي محمد- صنعاء