"ليونارد ساكس"، هو عالم نفس ومدير "الجمعية الوطنية لنظام التعليم الحكومي الأحادي الجنس"، يرى أن "هناك عدداً من النماذج لشابات يتمتعن بثقة في النفس، يمكن سردها". ويقدم المؤيدون هذه القصص، كسبب يبرر توسيع التعليم الأحادي الجنس في المدارس العامة الأميركية.
أولاً، كانت هناك قضية براون ضد هيئة التعليم في عام 1954، والتي قضت فيها المحكمة العليا بعدم شرعية الفصل العنصري في المدارس الأميركية العامة. ثم صدر في عام 1972 الجزء التاسع من قانون التعليم ليشكل نقطة تحول بإعلانه عدم شرعية التمييز بين الجنسين في المدارس العامة. وقد أكد القانونان على وجود مسيرة نحو دمج الجنسين في المدارس العامة الأميركية.
لكن العقد الماضي شهد تعاظم شعبية المدارس الأحادية الجنس. وتقول "الجمعية الوطنية لنظام التعليم الحكومي الأحادي الجنس" إن في أميركا اليوم 25 مدرسة تطبق مبدأ الفصل بين الجنسين، وكلها تقريباً مستحدثة بعد عام 1996. وهناك 72 مدرسة أخرى تخصص صفوفاً أحادية الجنس، وهناك عدد أكبر منها تقرر افتتاحه في خريف هذا العام. ويتوقع الخبراء أن استمرار هذه النزعة أمر محتم، حيث ستعطي إمكانية تحويل عام 2005 إلى نقطة تحول في التعليم الأحادي الجنس.
وبسبب قصص النجاح في ثانوية فيلادلفيا للبنات، والرغبة في إعطاء ذوي الطلاب والطالبات خيارات أكثر بخصوص تعليم أبنائهم وبناتهم، شرعت إدارة بوش في عام 2001 بتسهيل عملية استحداث مدارس من هذا النوع.
ففي مارس الماضي، كشفت وزارة التعليم عن اقتراح لتغيير "الجزء التاسع"( من جملة تعديلات قانون التعليم). وفي الماضي، كانت هناك مواد محددة، كالرياضة أو الثقافة الجنسية، يمكن تدريسها للجنسين في صف واحد. لكن القوانين الجديدة تتيح استحداث صف لمادة الفيزياء مثلاً لتدريس البنات فقط، شريطة توفير كتب وتجهيزات من المستوى ذاته للطلاب الذكور في البيئة التعليمية المختلطة.
وينطبق ذلك على المدارس الأحادية الجنس. فتأسيس مدرسة للذكور فقط يوجب على سلطات المنطقة إثبات تقديمها مواد مكافئة للمواد التي تقدمها في مدرسة مختلطة قريبة، ما يعني عدم الحاجة إلى مدرسة موازية مخصصة للبنات.
وكانت ردود الفعل حيال الاقتراح مختلطة. فالمعارضون لتعديل "الجزء التاسع" يشيرون إلى أن البحوث القليلة بخصوص المدارس العامة الأحادية الجنس كانت غير حاسمة، في حين تخشى جماعات الحقوق المدنية من أن الخطة الجديدة قد تلغي 30 سنة من المكاسب في مجال المساواة بين الجنسين.
وتُعتبر ثانوية فيلادلفيا للبنات، والتي تأسست في عام 1848، ثاني أقدم مدرسة عامة أحادية الجنس في الولايات المتحدة. وفي كل سنة، يتقدم أكثر من 3000 طالبة لملء شواغر يقل عددها عن 350.
وتشكل الأميركيات من أصل أفريقي نحو 60% من مجموع طالبات المدرسة اللواتي يعيش نصف عائلاتهن تحت خط الفقر. وعلى رغم ذلك، يتابع 96% من طالبات المدرسة دراستهن الجامعية فور تخرجهن- بل يلتحق كثير منهن بكليات راقية.
ويشكل ذلك كله جزءاً من إرث أكبر تركته هذه المدرسة، وهو "تاريخ شديد الأهمية لشريحة الشابات، ولاسيما اللواتي قد تكون حياتهن الأسرية إلى حد ما مفككة أو غير تقليدية"، هذا على حد قول "روزماري" سالومون" أستاذة القانون في جامعة سانت جون في نيويورك ومؤلفة كتاب "مماثل، مختلف، مساوي:إعادة التفكير في إقامة مدارس أحادية الجنس".
ويصرّ كثير من الفتيات هنا على أنهن، في غياب تشتت الذهن الذي يسببه لهن الطلاب الذكور، يشعرن بالحرية في التركيز على الدراسة وعلى تطوير علاقاتهن المتبادلة؛ ولذلك يشعرن بمنافسة أقل وبأن الجو أقرب إلى الجو الأسري.
وأظهرت الدراسات أن المعلمين يميلون إلى سؤال الطلاب الذكور أكثر من سؤال الإناث، وأن الطالبات بدورهن يلتزمن الصمت في الصفوف المليئة بالطلاب المتحمسين. لكن ذلك النوع من التخويف، على حد قول الطالبات، غير موجود في ثانوية فيلادلفيا.
ويقول الدكتور "ساكس" إن الطالبات يشعرن بارتياح أكبر في بيئة الجنس الواحد وذلك بسبب الفروقات البيولوجية بين الجنسين التي لا ينبغي تجاهلها. ويقول "ساكس" إن البحوث تشير إلى أن البنات يتعلمن على أفضل وجه في البيئة الودّية. وهناك "مدرسة القيادة المخصصة للفتيات" في نيويورك، وهي عامة وتأسست في 1996 وأرسلت في العام الماضي كل طالباتها بلا استثناء إلى الجامعات، وهي تعمل على أساس مخاطبة الطالبات باسمهن الأول فقط. يضيف "ساكس" قوله "إن البنات يراقبن المعلمة ثم يفعلن ما تفعل".
لكن الوضع ليس كذلك في بيئة تعليم الذكور التي يقول "ساكس" إنها تتطلب منهجاً مختلفاً تماماً وتعمل على أفضل وجه عندما تكون مخاطبة الطلاب رسمية. فطلاب الصف الثاني يشعرون بسعادة غامرة عندما يسألهم المعلم على النحو التالي مثلاً: سيد جيفرسون؟ ما جوابك؟ "فإذا علّمتهم كرجال، فمن المرجح أنهم سيتصرفون كرجال".
لكن هذا التقييم لا يحظى بموافقة الجميع. وتعتقد "كيم غاندي" "رئيسة "المنظمة الوطنية للنساء" أن غياب نوع العلاقات