مؤشرات مروريّة إيجابيّة
الإحصاءات التي كشف عنها مدير مديرية المرور والدوريات في أبوظبي، العقيد مهندس حسين الحارثي، مؤخراً، حول انخفاض وفيات الحوادث المرورية بنسبة 20% خلال الربع الأول من العام الجاري مقارنة بالعام الماضي، تشير بوضوح إلى أن الإجراءات التي تم اتّخاذها لمواجهة هذه الظاهرة بدأت تؤتي ثمارها الإيجابية؛ فعندما تتراجع وفيات الحوادث بهذه النسبة الكبيرة فهذا يعني أن بالإمكان التوصّل إلى بيئة مرورية عالمية تتماشى مع ما تشهده الدولة من تقدّم في مختلف المجالات في الفترة المقبلة.
الحوادث المرورية شكّلت على مدار الأعوام القليلة الماضية مشكلة كبيرة لمختلف إمارات الدولة بوجه عام، ليس لأعداد الضحايا التي كانت تستهدفهم فحسب، وإنما لانعكاساتها الاقتصادية والاجتماعية السلبية أيضاً؛ ولذا كان الحرص على مواجهة هذه الظاهرة يتصدّر الأولويات الرسمية، من خلال إجراءات عدة تنظيمية وتشريعية، أسهمت في خفض نسبة وفيات الحوادث المرورية إلى 10% خلال عام 2009 مقارنة بعام 2008.
التراجع المستمر في وفيات الحوادث المرورية في الدولة خلال العامين الماضيين يعكس بوضوح نجاح سياسة وزارة الداخلية في مواجهة هذه الظاهرة، فالإجراءات التي تمّ اتخاذها، سواء التنظيمية منها أو العقابية، كان لها أكبر الأثر في انخفاض الحوادث والمخالفات المرورية، فالإجراءات التنظيمية أدّت إلى انسياب الحركة المرورية، أما الإجراءات العقابية، وتحديداً لائحة "النقاط السوداء" التي بدأ تطبيقها في فبراير 2008، فقد أصبحت تشكّل عنصر ردع قويّاً في الحدّ من سلوكيات السائقين المتهوّرين، خاصة الشريحة التي لم تكن تحقّق الغرامات المالية أي نجاحات أو فاعلية تذكر معها.
ولعل ما يبعث على التفاؤل أن هذه الإجراءات تتّخذ طابع التواصل والاستمرارية، وما يعنيه ذلك من تحديث وتطوير مستمرّين، والاستفادة من أحدث التجارب المرورية في العالم. وفي هذا السياق ذاته، أعلنت مديرية المرور والدوريات في شرطة أبوظبي، مؤخراً، تطبيق نظام "الضبط المروري عن بُعد"، وهو نظام متطوّر يقوم على متابعة حركة السير في شوارع الإمارة ومراقبتها إلكترونيّاً ورصد أي مخالفات مرورية بمختلف أنواعها وتحريرها وتسجيل أرقام لوحات المركبات التي قامت بارتكابها، إضافة إلى مراقبة الطرق التي تحتاج إلى تنظيم حركة السير. كما أن الخطة الاستراتيجية التي أعلنتها دائرة النقل في أبوظبي العام الماضي تستفيد من التجارب العالمية المتقدّمة في مجال المرور، وتشمل العديد من الإجراءات والخطوات الكفيلة بتحقيق السلامة المرورية بوجه عام، فهي من ناحية تعتمد في تطبيقها على التعاون بين الهيئات والجهات المختلفة، المعنيّة بتحسين السلامة المرورية في إمارة أبوظبي، كما أنها من ناحية ثانية تجمع بين الإجراءات التوعوية والقانونية والتشريعية، حيث تهدف في الأساس إلى تعزيز ثقافة الجمهور، وتكثيفها عبر الاهتمام بحملات التوعية المرورية.
لا شك في أن التراجع المستمر في وفيات الحوادث المرورية يعدّ مؤشراً إيجابيّاً ودليلاً على فاعلية الإجراءات التي تم اتخاذها في الآونة الأخيرة من جانب وزارة الداخلية، لكن من المهم كذلك أن تتعاون الأطراف الأخرى، بداية من أصحاب المركبات أنفسهم الذين عليهم استيعاب مغزى هذه الجهود والتعاون الحقيقي معها، ومروراً بالدور الذي يمكن أن تقوم به مؤسسات التنشئة كالأسرة والمدرسة أو منظمات المجتمع المدني في تنشئة النشء والشباب على قيم التزام القواعد والقوانين، وفي مقدّمتها القواعد المرورية التي ترتبط بحياة أفراد المجتمع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية