الصحافة البريطانية
التسرب النفطي صدع أطلسي... ولوثة غضب في "اليمين" الأميركي
------
محاولات لرأب الصدع الأطلسي جراء التسرب النفطي في خليج المكسيك، آسيا تسعى إلى إعادة كتابة قواعد النظام الرأسمالي، ولوثة اليمين الأميركي، والنفط وحقوق الإنسان في السودان...موضوعات نسلط عليها الضوء ضمن هذه اللمحة السريعة على الصحافة البريطانية.
-------
"بي. بي" والتوتر الأطلسي
في عددها الأخير نشرت صحيفة "ذي أوبزرفور" مقالاً تحليلياً تناولت خلالها تحركات، باراك أوباما ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون من أجل رأب الصدع بين الدولتين بسبب بقعة النفط التي سببتها شركة "بريتش بيتروليوم" البريطانية في خليج المكسيك. وكان أوباما هو الطرف المبادر إلى التخفيف من حدة التوتر الأطلسي الناشئ عن البقعة النفطية. فقد أجرى مكالمة هاتفية مع ديفيد كاميرون استغرقت 30 دقيقة يوم السبت الماضي، أكد خلالها أنه لم يكن ينوي الإضرار بسمعة الشركة عند توجيه الانتقادات إلى أدائها في خليج المكسيك حالياً. كما أكد أنه لا علاقة بالغضب الطاغي في واشنطن على أداء الشركة بهويتها الوطنية. وفي بيان أصدره دواننج ستريت في اليوم نفسه، جاء أن أوباما قد شرح لرئيس الوزراء البريطاني فهمه لشركة "بي. بي" على أنها شركة عالمية متعددة الجنسيات، وأن الإحباط السائد في واشنطن بسبب بقعة النفط الحالية لا علاقة له مطلقاً بالهوية الوطنية للشركة. ومن جانبه أكد ديفيد كاميرون الأهمية الاقتصادية للشركة سواء بالنسبة للمملكة المتحدة أو الولايات المتحدة أو الاقتصاد العالمي كله.
وجاء في المقال إن رئيس الوزراء تعرض لضغوط مكثفة من داخل حزبه ومن كبار الشخصيات خارجه، تحثه على التصدي للهجوم الأميركي على شركة "بي. بي" بيد أن ديفيد كاميرون لم يستجب لتلك الضغوط. يجدر بالذكر أن بوريس جونسون –عمدة مدينة لندن- كان من بين تلك الشخصيات التي اعتقدت أن في الانتقادات الأميركية الموجهة إلى شركة "بي. بي" نبرة معادية لبريطانيا. غير أن ديفيد كاميرون قاوم تلك الضغوط اعتقاداً منه أن غضب الرئيس أوباما يعود إلى شعوره بالإحباط والقلق من الدمار البيئي الهائل الذي تسببت به البقعة النفطية في مياه خليج المكسيك.
آسيا وقواعد الرأسمالية
لقد أدى انتصار النظام الرأسمالي القائم على الاستهلاك في القرن العشرين إلى أكبر الكوارث التي شهدها القرن الحادي والعشرون: فهناك كارثة تغير مناخي تلوح في الأفق، وهناك أضرار بيئية هائلة، إضافة إلى انحسار الموارد الطبيعية. والمشكلة أن القارة الآسيوية تقع في قلب هذه الكوارث جميعاً. كانت تلك هي مقدمة المقال التحليلي للكاتب "شاندران ناير"، الذي نشر في عدد صحيفة "فاينانشيال تايمز" الصادر بالأمس. وقال الكاتب إنه قد حان الوقت الذي تعينت فيه مناهضة المفهوم الأساسي لنمط الرأسمالية الغربية القائم على تعريف النجاح الاقتصادي، بأنه النمو المدفوع بواسطة الاستهلاك. وبحكم الكثافة السكانية الهائلة التي تتمتع بها القارة الآسيوية، ما يعني كونها القارة الأكثر وعداً باستمرار هذا النمط الرأسمالي الغربي، فإن عليها أن تعيد كتابة القواعد والمبادئ العامة التي يقوم عليها النمط الحالي للرأسمالية الغربية. يقول الكاتب إن المدافعين عن هذا النمط كثيراً ما يميلون إلى التقليل من شأن التأثيرات السلبية التي يلقي بها النشاط الاقتصادي الرأسمالي على الموارد الطبيعية والبيئة في مختلف الدول التي يعمل فيها النظام. ويرفض هؤلاء في المقابل الاعتراف بما توصل إليه العلم من إجماع وحاجة إلى إدارة صارمة للموارد الطبيعية المتوفرة. ويختتم الكاتب مقاله بدعوة القادة الآسيويين إلى التصدي لمهامهم القيادية، إذ لم يعد ممكناً للتركيز الغربي على الأسواق والتكنولوجيا والمال أن يؤدي الدور المطلوب في إصلاح النمط الرأسمالي القائم.
ماذا أصاب "اليمين"؟
سؤال أثارته إحدى مقالات الرأي الصادرة في العدد الأخير من مجلة "ذي إيكونومست"، وتحاول الإجابة عليه في ما نوجز هنا. فقد عادت أيام سعد "الجمهوريين" فيما يبدو. لم يكن قانون إصلاح الرعاية الصحية الذي نجحت في تمريره إدارة أوباما أداة رافعة لها كما تصورت. فمعظم الأميركيين يعتقدون أنه أهدر أموالهم في خطة لا جدوى منها. صحيح أن الاقتصاد القومي بدأ يستعيد عافيته ويعاود قدرته على النمو، بيد أن معدلات البطالة لا تزال مرتفعة جداً، بينما يواصل الاقتصاد عجزه عن خلق فرص العمل الجديدة. وفوق ذلك كله هناك حربان مدمرتان جاريتان في وقت واحد في كل من أفغانستان والعراق. وهناك الأزمة الإيرانية التي لم يتمكن أوباما من فعل شيء إزاءها رغم نجاحه في استصدار عقوبات جديدة على طهران من مجلس الأمن الدولي. يُضاف إلى ذلك احتمال خسارة "الديمقراطيين" لسيطرتهم الحالية على مجلسي النواب والشيوخ في الكونجرس. فقد باتت مقاعد مجلس النواب البالغ عددها 435 مقعداً مطروحة أمام التنافس الشرس في انتخابات نوفمبر المقبلة. ولكن لماذا يبدو "الجمهوريون" أو اليمين الأميركي عموماً أقرب إلى فصيل في حرب أهلية مع أوباما و"الديمقراطيين"، أكثر منه حزباً سياسياً؟ بعض الأزمة في "اليمين" الأميركي ونهج تفكيره وممارسته للعمل السياسي. غير أن بعض هذا العداء كامن في جذور النزاع الحزبي بين الخصمين السياسيين الرئيسيين في أميركا.
النفط وحقوق الإنسان
هذا ما كتبت عنه صحيفة "الجارديان" الصادرة يوم الأحد الماضي. فقد صدر تقرير سويدي مؤخراً اتهم ثلاثاً من شركات النفط الأوروبية العاملة في السودان بالضلوع في جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان في المناطق التي تجري فيها عمليات التنقيب. ودعا التقرير الذي أصدره الائتلاف الأوروبي بشأن النفط في السودان - مجموعة من المنظمات الخيرية وناشطي حقوق الإنسان والسلام السويديين- إلى إجراء تحقيق بشأن ممارسات شركة النفط السويدية "لوندين"، و"بتروناس" الماليزية، وشركة OMV النمساوية. ودعا حكومات الدول إلى التحقيق مع الشركات المذكورة.
وكان هذا الائتلاف الثلاثي لشركات النفط المعنية قد وقع عقداً عام 1997 نص على قيامه بعمليات التنقيب واستخراج النفط في منطقة تعرف باسم Block 5A، الذي لم يكن يقع كله تحت سيطرة الحكومة السودانية حينها. وذكر التقرير أن هذه العمليات ساهمت في إشعال حرب شريرة بين أهالي المنطقة، شاركت فيها المليشيات المسلحة وعناصر حكومية.
إعداد: عبد الجبار عبد الله