من المؤكد أن العلاقة بين القارئ والكاتب علاقة متبادلة، فكما يرتبط القارئ بكاتب معين معلوم لديه يتابع أفكاره، مرة بالموافقة، ومرة بالمعارضة، فإن حالة من الارتباط العميق تنشأ في نفس الكاتب تجاه قرائه الذين قد يعرف بعضهم، والمؤكد أنه لا يعرف معظمهم . الكاتب ينبغي أن يؤدي خدمة عامة في حالة من الشفافية والوضوح، وبالتالي عليه أن يسعى لكي يكون أهلاًِ لثقة القارئ الذي لم يره على الإطلاق. إن تقاسم الأفكار مع القراء هو الذي ينتج الأفكار الخلاقة بالتفاعل المرئي وغير المرئي، وإن تقاسم المشاعر حول قضايا الأمة، سواء المبهج منها أو المحزن، هو الذي ينشئ الوجدان العام، ويبني الرأي العام الجامع بين الكاتب والقراء. اليوم أستأذن قرائي في "الاتحاد" والذين نشأت معهم علاقة ارتباط منذ سنوات في أن أتقاسم معهم المشاعر والأفكار التي صاحبت حصولي يوم 2010/6/21 على جائزة الدولة التقديرية في الآداب، والتي يمنحها المجلس الأعلى للثقافة في مصر، وهو المخول منح جوائز الدولة في مجالات الآداب والعلوم الاجتماعية والفنون بمستوياتها المختلفة. جميع الجوائز بأنواعها تعلن سنوياً في شهر يونيو، وهي عادة مناسبة مهمة مصرية يتحول فيها الاهتمام العام، الشعبي والإعلامي، إلى مجالات العلوم والآداب والفنون والتركيز على أبطالها وإبداعاتهم وإضافاتهم العلمية، وهو أمر أعتقد أنه شديد الحيوية لخلق حالة وعي عام بقيمة التحصيل العلمي والإنجاز العلمي وقيمة الابتكار والاختراع والإبداع، فنحن في حاجة في عصر التقدم العلمي العالمي إلى زرع هذه القيم في نفوس وعقول أجيالنا الصاعدة من خلال الاحتفاء بمثل هذه المناسبة وإبراز مدى احترام المجتمع والدولة للعلماء والمبدعين، وليس فقط للاعبي الكرة ومن يماثلهم في النشاط. لاشك أن قيام جامعة عين شمس، باختياري كمرشح لها لنيل جائزة الدولة التقديرية في الآداب يمنحني إحساساً بمسؤوليتي كأستاذ جامعي في ضرورة الإجادة في مهامي التعليمية والبحثية داخل الجامعة، كما أن قيام أعضاء المجلس الأعلى للثقافة، وجميعهم من كبار الأكاديميين والمفكرين والمبدعين باختياري من جولة التصويت الأولى، يضع على كاهلي التزاماً أكبر بمواصلة جهودي الأكاديمية في البحوث العلمية في مجال الأدب الإسرائيلي الذي دأبت على استخدام نصوصه كنافذة للإطلال على المجتمع الإسرائيلي المعادي وتفاعلاته العميقة التي يصورها الأدباء ويجسدونها في حركة أبطالهم الأدبيين. لقد نجحت في أن أستحدث بالجامعات المصرية والعربية منهج دراسة المجتمع المعادي عن بُعد عن طريق الأدب بتطبيق مناهج التحليل النفسي والتحليل الاجتماعي للنص الأدبي الإسرائيلي، ولقد سار على هذا النهج الذي كنت أول من أرساه بعد حرب 1967 كثير من طلابي في الدراسات العليا، ممن أنجزوا رسائل ماجستير ودكتوراه قدمت تنويراً عميقاً بالمجتمع المعادي. إحساسي بالرضا لهذا التقدير يذكرني بإحساس مماثل عندما حصلت على جائزة الدولة للتفوق في العلوم الاجتماعية منذ سنوات عن أعمالي العلمية في مجال دراسات قضايا الصراع العربي- الإسرائيلي، ومجال الدراسات المستقبلية، ومجال الصراع الثقافي بين العرب وإسرائيل في زمن التعاقدات السلمية ومجال الفكر والسياسة في إسرائيل. لقد أردت تقاسم المشاعر والأفكار مع قرائي الأعزاء، فهم شركاء للكاتب بتفاعلاتهم الذكية وبمشاعرهم القومية الرفيعة، راجياً للجميع التفوق والتوفيق.