نعتقد، نحن المنتمين إلى الحزب الديمقراطي، أن الرهان الآن هو تعريف أمتنا بحد ذاته، أي القيم التي نسعى إلى حمايتها في الداخل وإلى إعطاء العالم فكرة صحيحة عنها.
وكان للسنوات الأربع الأخيرة أثر مدمّر في أمتنا، فكانت اختباراً لوحدتنا الوطنية ولإحساسنا بأننا أصحاب رسالة. واتبعت إدارة بوش سياسات داخلية وخارجية متهورة ومهمِلة. فتقليص الضرائب المتهور حوّل الفائض القياسي إلى عجز قياسي. وتعرض الحلفاء الأقوياء للخطر بسبب سياسة راديكالية ومتهورة تنتهج الاستباقية الأحادية، وتم إهمال أو نبذ المكاسب الدبلوماسية التي تحققت في العقد الأخير. وتم تجاهل الحمايات الدستورية الأساسية أو تعريضها للخطر بأمر تنفيذي متهور. والنتيجة أننا بدّدنا فرصاً كانت ستجعل أمتنا أقوى وأكثر رخاءً وأمناً واحتراماً في العالم.
ويضع القول المأثور الذي مفاده "أننا نهتم بالمحتاجين" تعريفاً لجوهر الرسالة، وهي الاختبار الذي يجب أن نطبقه على كل ما نفعل.
ولذلك نؤيد الضرائب التصاعدية، والتعليم الحكومي الممتاز، والدفاع عن حقوق المرأة، والأقليات الإثنية والعرقية المحرومة والضعيفة، في الداخل والخارج. ذلك لأننا، كأعضاء في الحزب الديمقراطي، نؤمن بأن الحكومة تتحمل المسؤولية عن تعزيز رفاه وسعادة الجميع.
وخضعت أمتنا لاختبار قاس في 11 سبتمبر، فانتهك 19 شاباً حريتها وانفتاحها فقتلوا 3000 من الأبرياء. وفي وجه هذا التحدي والتهديد، اتخذ الديمقراطيون موقفاً موحّداً في الدفاع عن أرضنا وشعبنا وأسلوب حياتنا. لكن بعض الأميركيين شنوا هجومهم وأطلقوا كراهيتهم ضد أشخاص يبدون من حيث الشكل شبيهين بالإرهابيين. وردّت الأمة على ذلك، فأبدى كل من الرئيس ومجلس الشيوخ ومجلس النواب والمجتمع ومنظمات حقوق الإنسان والمواطنين العاديين استعدادهم للكلام ضد الكراهية وأكّدوا على وحدتنا كأمة. ووافق حزبنا على قرارات تعلن معارضة جرائم الكراهية، ودعا إلى حماية حقوق العرب الأميركيين والمسلمين الأميركيين. لكن التعصب يبقى همّاً يثير القلق. فبعض أعضاء اليمين الديني وبعض المسؤولين في الإدارة، يواصلون إطلاق التعليقات المثيرة عن العرب والمسلمين التي تدعم وتشجع الذين يهاجمون بدافع الكراهية. فالمشكلة إذاً تبقى خطيرة ولابد لنا من التزام التيقظ والنشاط دفاعاً عن قيمنا ووحدتنا الوطنية. وبعد 11 سبتمبر، واجهت مؤسسات تطبيق القانون تحدياً لا سابقة له لحماية الأرض الأميركية ولكشف أولئك الذين يضمرون لنا الأذى. وعلى رغم أن جهودها جديرة بالإطراء، يعترف الكثيرون بأنه تم ارتكاب تجاوزات وأخطاء.
واعتقد البعض أن تلبية الحاجة الملحّة تقتضي إحداث تغيير في التوازن بين الحريات المحمية بموجب الدستور، وحاجتنا إلى عيش حياة آمنة. وانعكس هذا التغيير بـ"قانون الوطني" الذي أقره الكونغرس عام 2001 وبالمبادرات المستقلة التي أطلقها وزير العدل. ولذا صار العرب والمسلمون مستهدفين بالتشهير، وتأثّرت حقوق دستورية عديدة على نحو سلبي. واعتُقل الآلاف على أساس مخالفات ثانوية. واحتُجز كثيرون في سجون سرية دون توجيه اتهامات، مع حرمانهم من إمكانية توكيل محامين. وفي النهاية، تم ترحيل الكثيرين دون اتباع الإجراءات المتعارف عليها. وينبع القلق الأكبر من تنفيذ كثير من عمليات الاعتقال والترحيل والاحتجاز على أساس انتهاكات ثانوية لقوانين الهجرة، على رغم تقديمها إلى الجمهور بشكل يربطها بالإرهاب. وردّت المنظمات المعنية بقضايا الهجرة وحقوق الإنسان في كل الأمة، وتم تحديد التجاوزات مع التأكيد على الدستور. ويناقش الكونغرس الآن قانونين يساعدان على استعادة التوازن بين الحرية والأمن.
وفي الشؤون الخارجية أيضاً، اتخذت الإدارة الحالية مساراً خطراً ومتهوراً كردٍّ على هجمات 11 سبتمبر، وبدأت عهدها بهدف معلن هو اتباع سياسة خارجية أكثر عدوانية وأحادية فابتعدت عن المعاهدات الموقّعة والاتفاقيات الدولية. وتُركت عملية السلام الشرق أوسطي بلا تخطيط. ومع تزايد العنف القاتل أظهرت الإدارة عزماً ضئيلاً جداً على العمل حتى على أساس مبادراتها. وبإعلانها رؤية فحسب دون التزام جدي بتوفير القيادة الضرورية لتنفيذها، تواصل موت الفلسطينيين والإسرائيليين واستُنزفت آمال الشعبين.
وآثرت الإدارة اتباع سياسة ذات دوافع أيديولوجية تنتهج مبدأ الاستباقية العسكرية. وعلى رغم تعهدها للكونغرس بأنها ستسعى للحصول على تفويض دولي، تحركت نحو الحرب مع العراق دون أن تقدم للشعب الأميركي تفاصيل تكلفتها ومستويات الالتزام المطلوبة أو تبين له عواقبها. وعندما يشكك الدبلوماسيون أو العسكريون الأميركيون في هذا المنهج يتعرضون للسخرية أو النبذ. وخاطرت الإدارة بحياة الأميركيين ومكانة أميركا وقيادتها الدولية في حرب أعقبتها أوضاع قد لا نتمكن من السيطرة عليها أو حتى فهمها.
واليوم أُرغمت الإدارة على تغيير مسارها بالإذعان للزعامات الإثنية والطائفية والعشائرية العراقية وللإحباط في المجتمع الدولي. لكننا على رغم بوادر التقدم لسنا