الصحافة البريطانية
عقبات السلام الإسرائيلي- الفلسطيني ومظاهرات التغير المناخي في موزمبيق
جديد مفاوضات السلام الإسرائيلي- الفلسطيني، وتضافر الفقر والتغير المناخي في موزمبيق، وحكمة ترشيح ديفيد مليباند زعيماً جديداً لحزب "العمال... قضايا نعرض لها ضمن جولة سريعة في الصحافة البريطانية.
المفاوضات الإسرائيلية-الفلسطينية
في الأسبوع الماضي انطلقت جولة جديدة من المفاوضات الإسرائيلية- الفلسطينية، وسط تكهنات الكثير من الخبراء والمراقبين الدوليين والإقليميين في واشنطن. وجاء في المقال التحليلي الذي نشرته مجلة "ذي إيكونومست" في عددها الأخير أنه لا يبدو ثمة جديد في هذه المفاوضات ولا أحداث العنف التي سبقتها هذه المرة. فقد وقعت حادثتا إطلاق للنيران في الضفة الغربية قبل يومين فحسب من انطلاقها. أسفرت أولاهما عن مقتل أربعة مدنيين إسرائيليين –اثنان منهما أبوان لستة أطفال ترملت أمهاتهم وأصبحوا أيتاماً في رمشة عين- بينما أودت الحادثة الثانية بحياة أم حامل. وسرعان ما بادرت حركة حماس للإعلان بنسبة الحادثتين إلى مقاتليها، نكاية بما تصفه بعلاقات المهادنة بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي. وفي اليوم التالي مباشرة أصيب أربعة مدنيين إسرائيليين إصابات مختلفة إثر هجوم ثالث شنه عليهم مقاتلو الحركة.
ومع ذلك فربما يتمثل الاختلاف الرئيسي بين المفاوضات الجارية الآن، وما سبقها من جولات مفاوضات عديدة، تزايد احتمال تغير مواقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باتجاهه أكثر نحو إبرام تسوية نهائية مع الفلسطينيين، بدلاً من معارضته المعروفة لإبرام صفقة كهذه من قبل. وعلى رغم الشكوك الكبيرة التي لا تزال تحيط باحتمال تحول كهذا في مواقف بنيامين، فإن هناك ما يزيد من احتمالات حدوثه على أية حال.
فقد انطلقت المفاوضات الأخيرة هذه بين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في واشنطن تحت رعاية مباشرة من أوباما، وفي حضور كل من الرئيس المصري والعاهل الأردني ، ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، ممثلاً للرباعية الدولية.
في تلك الأثناء حدد وزير الدفاع الإسرائيلي شروط التفاوض مع الفلسطينيين وأهمها: أن تتم التسوية على أساس حل الدولتين، وتقسيم مدينة القدس بين الطرفين، على أن تبقى المناطق اليهودية منها تحت الإدارة الإسرائيلية، بما فيها الأجزاء الاثنا عشر التي بنيت في الجانب الإسرائيلي منذ عام 1967. أما المدينة المقدسة القديمة، فيجب الاتفاق على إدارتها المشتركة بين الجانبين. وفيما يتعلق بمسألة عودة اللاجئين الفلسطينيين، فهذه يجب حلها داخل حدود الدولة الفلسطينية.
وتبدو هذه الصفقة قريبة جداً من "معايير كلينتون"، التي كان قد قبلها نتنياهو عندما كان رئيساً للوزراء، بينما رفضها الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. غير أنها تظل بعيدة كل البعد عن رؤية حزب الليكود الذي يقوده نتنياهو، إلى جانب كونها بعيدة كل البعد عن تصورات المستوطنين اليمينيين لمصير الدولة العبرية، ولمستقبل القدس القديمة بصفة خاصة. ثم هل يوافق عليها الجانب الفلسطيني، في ظل الانقسام الحاد في صفوف الفلسطينيين؟ وهذه هي المخاطر المحيطة بمفاوضات واشنطن هذه.
موزمبيق والتغير المناخي
وفقاً لما جاء في مقال الكاتب "راج بيت" المنشور بصحيفة "الجارديان" يوم الاثنين الماضي، فقد شهد صيف العام الحالي ارتفاعاً قياسياً في درجات الحرارة، خاصة في اليابان وولايتي فلوريدا ونيويورك. وفي الوقت نفسه دمرت الفيضانات كلا من باكستان والنيجر، بينما ضرب إعصار "إيرل" الساحل الشرقي من الولايات المتحدة الأميركية. ومع ذلك فإن من أراد البحث عن الكيفية التي يؤثر بها التغير المناخي على حياة المجتمعات في القرن العشرين، فإن عليه أن يتجه ببصره مباشرة إلى أعمال الشغب ومظاهرات "الخبز" التي عمت العاصمة الموزمبيقية مابوتو وغيرها من المدن الأخرى مؤخراً. فقد خرج المتظاهرون احتجاجاً على زيادة نسبتها 30 في المئة في أسعار الخبز. وفي وسع كل من يستطيع الفهم والتحليل أن يدرك ماذا يمكن أن يحدث لحياة الشعوب فيما لو تضافرت كوارث الطبيعة الجامحة المدمرة، مع دور النظم السياسية الاجتماعية التي تفتقر إلى العدالة. صحيح أن الزيادة التي أعلنتها الحكومة كانت سبباً مباشراً في انفجار مظاهرات الغضب في الشوارع الموزمبيقية. غير أن أسبابها المباشرة تعود إلى تأثيرات التغير المناخي التي ضربت روسيا من ناحية كونها شهدت ارتفاعاً في درجات الحرارة غير مسبوق خلال المئة عام الماضية، ومن ناحية الحرائق المدمرة التي عصفت بمساحات شاسعة من حقول القمح والذرة الشامية. ونتيجة لهذه الكوارث، أعلنت روسيا تعليق صادراتها من هاتين السلعتين الغذائيتين الرئيسيتين. بقي أن تكتمل جوانب هذا التحليل بالقول إن موزمبيق تستورد نسبة 60 في المئة من حاجتها إلى القمح والذرة الشامية من روسيا. وفوق ذلك كله، هناك نظام سياسي اجتماعي في موزمبيق لا يبذل من الجهد والاهتمام ما يكفي لتضييق الفجوة الاجتماعية الاقتصادية، والحد من معدلات الفقر في البلاد.
الاستفتاء السوداني
في مقاله التحليلي الذي نشرته صحيفة "الجارديان" الصادرة أمس الأربعاء، قال "سايمون تيسدال" إن الصين سوف تكون من أكبر الخاسرين فيما لو تدهورت الأوضاع الأمنية والسياسية في السودان في موسم الشتاء المقبل، نتيجة العجز عن إجراء الاستفتاء المتوقع حول مصير جنوب السودان في موعده المحدد بداية عام 2011. واستطرد الكاتب في جرد خسائر بكين من انهيار أمني سياسي غير مستبعد في الحالة المذكورة، مبيناً أنه سوف تكون خسائر ثلاثية الأبعاد. فالصين تعد من أكبر الدول المستثمرة في السودان، ومن أكبر المستوردين لمنتجاته النفطية، إضافة إلى الخسائر الدبلوماسية التي تقع على الصين، بحكم أن السودان يعد أكبر دول القارة الأفريقية وأكثرها أهمية من الناحية الدبلوماسية لبكين. ولتفادي هذه الخسائر فإن من مصلحة بكين أن يجرى الاستفتاء سلمياَ وفي موعده المقرر.
التصويت البديل
هذا هو الموضوع الذي تناولته افتتاحية "ذي إندبندنت" الصادرة أمس الأول تحت عنوان "إهمال الصورة الكبرى". تقول الافتتاحية إن مجلس العموم قد استأنف جلساته وإنه يتجه لخوض إحدى أشرس المعارك السياسية في دورته الحالية. ذلك أن مجلس العموم سوف يعطي أولوية قصوى في جدول أعماله لمناقشة مشروع القانون الذي تقدمت به الحكومة الائتلافية بقيادة ديفيد كاميرون، يهدف لإجراء استفتاء شعبي حول "التصويت البديل" في شهر مايو من العام المقبل. وعلى رغم مساندة حزب "العمال" لمشروع القانون الجديد خلال برنامجه الانتخابي الأخير، إلا إن قادة الحزب بدأوا إثارة حجج وانتقادات ترجح معارضتهم له. فمن أقوى الحجج المثارة ضد مشروع القانون أن المحافظين يسعون من خلاله إلى تفصيل تشريع يمكنهم من إعادة ترسيم الدوائر الانتخابية لصالح حزبهم. وفي الوقت نفسه انتقد ديفيد ماليباند –المرشح الأقوى لقيادة حزب العمال- حكومة الائتلاف الحالي قائلاً إنها مضت شوطاً بعيداً في إقحام نفسها في النشاط السياسي الطلابي.
إعداد: عبدالجبار عبدالله