رغم بدء العام الثالث على مهمتها هناك، فإن قوات حفظ السلام الإفريقية في الصومال لم تستطع إلى الآن أن توجد سلاماً أو تحفظه في ذلك البلد المثخن بجراحات حروب أبنائه. ورغم زيادة عديدها وعدتها، فإن هذه القوات ظلت تواصل الانكفاء في مساحات تضيق باستمرار؛ فبعد أن كانت منوطاً بها تأمين أرجاء واسعة من البلاد، قلصت مهمتها لتقتصر على مقديشو وحدها، ثم اقتصرت على أحياء محددة من العاصمة، وأخيراً اكتفت بالسعي إلى حماية منطقة القصر الرئاسي فقط، لكن بعد أن ضاق الخناق على القصر، تخلت عن هذا الهدف أيضاً وصار أقصى ما تطمح إليه هو حماية قواعدها حيث يقضي الجنود معظم الوقت داخل الملاجئ المحصنة، ولو أن الكثير منهم قتلوا بقذائف طائشة تسقط بين حين وآخر على هذه القاعدة أو تلك من قواعد القوات الإفريقية في مقديشو! إنه وضع يشعرني بالحزن لِما آل إليه مفهوم عمليات "حفظ السلام" في إفريقيا، خاصة حين أتأمل أيضاً في الدور المحدود الذي لعبته القوات الإفريقية في إقليم دارفور السوداني، إذ لم تستطع أن تضع حداً للاضطرابات والمعارك هناك، بل تراجعت حدة العنف فقط بعد أن استطاعت القوات النظامية السودانية استرجاع مناطق كثير من الإقليم من أيدي حركات التمرد المسلحة. أما القوات الإفريقية ذاتها فكثيراً ما كانت بحاجة إلى المساعدة من هذا الجانب أو ذاك لمغادرة مناطق تداخل النيران أو لاستعادة من يتعرض من أفرادها للخطف أو الحجز! سالم زهير -السودان