بعد أن تسلم العراقيون السلطة من قوات الاحتلال، لم يعد أمام الحكومة الانتقالية سوى البدء في مواجهة التحديات. الكل يدرك جيداً أن التحدي الأمني يبقى هو الأخطر والأصعب، سيما وأن العراق يعج بتنظيمات مسلحة لا يعرف أحد حقيقة أهدافها أو الجهات التي تدعمها، ناهيك عن المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي ورثتها حكومة علاوي من سلطة الاحتلال كالبطالة وتسريح العاملين في مؤسسات النظام السابق. لكن ثمة مهمة خطيرة أيضاً وربما لا تقل في أهميتها عن الملف الأمني وهي إرساء الديمقراطية في العراق، فحتى الآن لم نلحظ أي تحول ديمقراطي حقيقي في بلاد الرافدين، والمبرر الرئيسي هو غياب الأمن وشيوع الفوضي. وإذا تابعنا مسلسل التحول في عراق ما بعد صدام نجده خالياً من مصطلح "انتخابات"؛ فمجلس الحكم لم يتم انتخابه وأعضاء الحكومة الانتقالية لم يتسلموا مناصبهم من خلال صناديق الاقتراع. الآن يأمل العراقيون في الأمن والاستقرار حتى تتمكن الحكومة الجديدة من تهيئة الأجواء للانتخابات العامة المقرر إجراؤها مطلع العام المقبل لتشكيل جمعية وطنية من خلالها يتم انتخاب حكومة عراقية ديمقراطية.
لكن من الواضح أنه لا يمكن وضع العربة أمام الحصان، بمعنى أنه من غير استتباب الأمن، لن يكون بمقدور العراقيين إجراء انتخابات حرة ونزيهة، لكن يجب ألا يهيمن التشاؤم على المشهد العراقي، خاصة وأن هناك اتجاهاً لتسليم الملف الأمني برمته للعراقيين، وهو ما اتضح خلال قمة "الناتو" الأخيرة التي وعدت بتدريب عناصر الشرطة العراقية فقط، ما يعني أن العراق يخطو خطواته الأولى على طريق الأمن والاستقرار، وهو أمل طالما تمنته جميع الشعوب العربية.
حسين عبد الرازق - أبوظبي