لاشك أن موظفة الجرد السنوي لعدد الحيوانات بحديقة لندن تواجه مأزقاً حسابيّاً كبيراً، منذ وصلت إلى هنا حيث جناح القردة، لأن القردة تتقافز بنزق بين الأغصان، وتلعب بعبث مربك، حين تتحرك بشكل "أكروباتي" على الحبال بطريقة يصعب معها تجنب إحصاء بعضها أكثر من مرة. ومع هذا تفيد الإحصائيات الأولية بأن عدد "نزلاء" الحديقة الكبرى بعاصمة الضباب يصل إلى 16 ألف حيوان، منها 10 آلاف حيوان فقري، و4700 من الأسماك، و100 من الزواحف. ومع ما قد يبدو في هذا الرقم من دواعي تفاؤل، فإنه قد يخفي وراءه ما هو أمرّ وأدهى، حيث إن جماعات علماء الأحياء، ونشطاء البيئة، ما زالوا يدقون أجراس الإنذار من احتمال انقراض واختفاء عشرات الأجناس الحيوانية، بسبب تغير المناخ، واحتباس الحرارة، وممارسات الصيد الجائر، والتلوث البيئي. ومع أهمية ما توفره الحدائق عادة من حماية وعناية لأجناس حيوانية مصنفة على مؤشر الانقراض، إلا أنها لا تعوض عموماً دور الحديقة الأكبر، أي هذا الكوكب الفريد الذي تعايشت عليه كل أجناس وأشكال الحياة منذ أقدم الأزمان، والذي بدأ يفقد توازنه البيئي، ويخشى أن يتحول إلى مقبرة شاهدة على انقراض جديد شبيه بانقراض عصر الديناصورات، ليستدعي بذلك إلى الأذهان ما يشبه ذكريات وهواجس ويوميات الحديقة الجوراسية!