التغير المناخي: مزيد من العواصف الشتوية
لا يمكن ربط حدث مناخي واحد بتغير المناخ بشكل مباشر؛ ولكن وفي وقت يزداد فيه كوكب الأرض حرارة، بإمكان الأميركيين أن يتوقعوا مزيداً من العواصف على غرار العاصفة التي تضرب جزءاً كبيراً من الولايات المتحدة هذه الأيام، كما يقول عدد من علماء المناخ.
هذا ليس لأن عاصفة الأول من فبراير يمكن ربطها بارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون في الجو أو ارتفاع درجات الحرارة في كوكب الأرض – فمثل هذا الربط من المستحيل القيام به – ولكن لأن ازدياد وتيرة عواصف الشتاء هو بالضبط ما يمكن أن يتوقعه المرء في عالم يزداد حرارة، يقول هؤلاء العلماء. وفي هذا الإطار، قال "مايكل مان"، مدير المركز العلمي لنظام الأرض التابع لولاية بنسلفانيا، لموقع LiveScience الإخباري: "ليس في الأمر أي تناقض"، مضيفاً "فهذا هو ما تتوقعه النماذج: أننا سنرى مزيداً من هذه التساقطات الثلجية الكبيرة جداً".
في كثير من الأحيان تطفو على السطح أسئلة حول المناخ عندما يكون الطقس قاسياً، حيث تثير فترات الجفاف وموجات الحر تعليقات حول معضلة ارتفاع ثاني أوكسيد الكربون. وخلال العواصف الشتوية من قبيل تلك التي تضرب حاليا أجزاء كبيرة من شرق الولايات المتحدة ووسطها الشرقي، يتساءل المشككون لماذا يتعين عليهم إخراج سياراتهم من بين أكوام الثلج في عالم يفترض أنه يزداد حرارة.
غير أن علماء المناخ يقولون إن ربط تغير المناخ بنظام مناخي واحد أمر غير منطقي. وفي هذا السياق، قال "كِن كالديرا"، كبير العلماء في معهد كارنيجي للعلوم بجامعة ستانفورد، لموقع LiveScience الإخباري: "إن المناخ هو عبارة عن إحصائيات للمناخ على امتداد فترة طويلة"، مضيفاً "ليس ثمة حدث مناخي معين يستطيع في حد ذاته تأكيد أو دحض مجموع المعرفة العلمية المرتبطة بتغير المناخ".
وبدلا من ذلك، يقول "مان"، فإن تغير المناخ يشبه زوجاً من مكعبات النرد التي جُعل أحد أضلعها أثقل من الأخرى. وإذا مسحت رقم 5 على ضلع مكعب النرد واستبدلته برقم 6، فإن احتمال حصولك على الـ6 يزداد بالضعف. ويقول: "لقد أضحى تغير المناخ اليوم جزءاً أساسياً من كل رمية نرد... لقد ازدادت الاحتمالات".
ولكن احتمالات ماذا؟ النماذج تشير إلى أن الجواب هو عواصف أكبر وأقوى، وذلك لأن ارتفاع درجة حرارة الهواء في الجو يمكن أن يحبس قدراً أكبر من الرطوبة والنداوة، كما يقول "مان"، وتكثيف وتركيز تلك الرطوبة هو الذي يضع طاقة أكبر في أنظمة العواصف. ويضيف "مان" قائلًا: "إن الأمر يتعلق بما يمكن تسميته ضربة مزدوجة... فالعواصف تصبح أكثر قوة لأنها تحتوي على قدر أكبر من الرطوبة".
وحسب "مان" دائماً، فإن العواصف في الولايات المتحدة قد تجنح أكثر نحو الشمال حيث يُتوقع أن يعرف الساحل الشرقي للبلاد مزيداً من العواصف القادمة من الجنوب. ويقول إن أميركا الشمالية لن تزداد حرارة لدرجة أن الثلج سيختفي، وإنه عندما يلتقي الهواء البارد بالهواء الرطب جداً، فإن النتيجة تكون تساقطات ثلجية يرجح أن تكون كبيرة. كما تشير بعض البحوث إلى أن ارتفاع حرارة كوكب الأرض يمكن أن تغذي عواصف رعدية أكبر أيضاً.
ويرى "ديفيد روبنسون" الأستاذ بجامعة رتجرز أنه مازال ثمة الكثير من الشوائب في البيانات التي ينبغي ترتيبها وتحليلها قبل أن يتمكن علماء المناخ من توقع التأثيرات المناخية المحلية الناتجة عن تغير المناخ. ويضيف "روبنسون"، وهو عالم المناخ بولاية نيوجيرسي: "كم من فيضان ينبغي أن نشهده في فترة 20 عاماً قبل أن نقول: "حسنًا، هذا أمر غير مسبوق"؟ ثم على المرء أن يتساءل: "هل يمكن أن يحدث ذلك بشكل طبيعي؟"، مضيفاً "إن هذا الأمر يمكن أن يستغرق سنوات، لا بل عقودا".
وينكب "روبنسون" حالياً على بحث ما إذا كان المناخ الشتوي القاسي قد تغير خلال القرن الماضي، حيث يقوم هو وزملاؤه بتحليل سجلات تساقطات ثلجية شتوية كبيرة. ويقول: "إن الجزء الصعب يكمن في حقيقة أن مؤشر الثلج يمكن أن يختفي مؤقتا في الواقع، لأننا يمكن أن نشهد كميات أكبر من الثلوج تحافظ على المعدلات السنوية متناسبة مع ما كانت عليه في الماضي، وذلك على الرغم من أن التغيير يحدث"، مضيفاً "وبالتالي، فعلى المرء أن ينظر إلى التغيير في الطريقة التي يتساقط بها الثلج، وليس بالضرورة إلى كمية الثلج المتساقطة".
غير أن كل هذا العمل يستغرق وقتاً، كما يوضح "روبنسون"، الذي يرى أن التغيرات الكبيرة ستصبح واضحة بشكل أسرع في وقت قد يستغرق رصد المؤشرات الصغيرة حوالي نصف قرن إذ يقول: "إن علماء المناخ يلقون تشريفاً فورياً أو ازدراء فورياً... ولكن الشيء المطلوب من علماء المناخ هو الصبر".
ستيفاني باباس
ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"