إخفاق أممي تجاه ليبيا... و"الفيتو" الأميركي تحذير لإسرائيل! "الفيتو" الأميركي ضد مشروع قرار يندد بسياسة إسرائيل الاستيطانية في مجلس الأمن الدولي، وانتقادات بالجملة لـ"مجلس حقوق الإنسان" الأممي لتغاضيه عما يجري في ليبيا، وتنبؤات بأفول نجم الولايات المتحدة كقوة عظمى... مواضيع نعرض لها بإيجاز ضمن قراءة في الصحافة الإسرائيلية. الاستيطان و"الفيتو" "على نتنياهو أن ينظر إلى الفيتو الأميركي في مجلس الأمن الدولي باعتباره تحذيراً". بهذا عنونت صحيفة "هآريتس" افتتاحية عددها ليوم الاثنين وأفردتها، مثلما يوحي بذلك العنوان، للتعليق على استخدام الولايات المتحدة يوم الجمعة لحق النقض "الفيتو" ضد مشروع قرار يندد بالاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة. مشروع قرار صوت لصالحه كل بقية أعضاء المجلس الأربعة عشر. وفي هذا السياق، قالت الصحيفة إن الفلسطينيين خسروا التصويت، ولكنهم حققوا هدفهم،المتمثل في كشف العزلة الدولية لرئيس الوزراء الإسرائيلي أمام العالم، وإحراج الإدارة الأميركية وإظهارها على أنها "ذات وجهين"؛ لتَظهر بذلك القوة العظمى الأميركية وقد فقدت بعضاً من احترامها ومكانتها الدولية بسبب دفاعها عن المشروع الاستيطاني الإسرائيلي، الذي يحظى بدعم أعضاء نافذين في الكونجرس. نتنياهو احتفل بـ"انتصاره" على رئيس السلطة الفلسطينية، مثلما تقول الصحيفة، ولكن عليه أن ينظر إلى "الفيتو" الأميركي كتحذير. ذلك أن صبر العالم على استمرار البناء في المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية بدأ ينفد؛ والفلسطينيون جعلوا من وقف الاستيطان شرطاً لاستئناف المفاوضات، موقف يحظى بالدعم الدولي. ونتيجة ذلك، فإن جهود نتنياهو الرامية إلى تحميل عباس مسؤولية تعطل مفاوضات السلام باتت تُستقبل بتشكك كبير في ضوء استمرار البناء في المستوطنات. وفي ختام افتتاحيتها، اعتبرت الصحيفة أنه بدلاً من تكريس عزلة إسرائيل في العالم، يتعين على نتنياهو أن يعمل على تخفيف حدة التوتر، والإصغاء إلى المجتمع الدولي، وتقديم برنامج عملي لإنهاء الاحتلال والنزاع. وبدلاً من الإذعان لمطالب أعضاء "اليمين المتطرف" في الحكومة والموافقة على مخططات كبيرة للبناء في الضفة الغربية، عليه أن يعترف بالضرر الدبلوماسي، الذي تتسبب فيه المستوطنات لإسرائيل، ويجدد وقف الاستيطان. إخفاقات الأمم المتحدة صحيفة "جيروزاليم بوست" خصصت افتتاحية عددها ليوم الاثنين للتعليق على الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في ليبيا والتقارير الإخبارية التي تفيد بأنها قوبلت بحملة عنيفة وشرسة لإخمادها وبارتكاب النظام الحاكم لانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، منتقدةً السكوت المتواطئ للأمم المتحدة وتحاشيها التنديد بـ"الرد العنيف" للسلطات. وفي هذا الإطار، انتقدت الصحيفة بشكل خاص ما وصفته بغض مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الطرف عما يحدث في ليبيا حالياً. فالمجلس الذي أسس في 2006، تقول الصحيفة، قام خلال السنوات الخمس الماضية بإصدار نحو 50 قراراً يدين عدداً من البلدان؛ من بينها 35 قراراً ركز على إسرائيل، في حين لم يصدر أي قرار ضد النظام الليبي. والأنكى من ذلك، تضيف الصحيفة، هو أنه حتى في الوقت الذي اتخذت فيه المواجهات مساراً تصاعدياً في ليبيا حيث تشير تقارير إخبارية إلى أن المحتجين يُقتلون بالعشرات في شوارع ليبيا، لم يدعُ أي من أعضاء مجلس حقوق الإنسان الأممي إلى جلسة طارئة، لا الولايات المتحدة، ولا الاتحاد الأوروبي. ثم ختمت افتتاحيتها بالقول إنه لو تمت ممارسة ضغوط أكبر على النظام الليبي من أجل حمله على احترام حقوق الإنسان عندما كانت احتمالات إصغائه واستجابته أكبر، "لما كان مواطنو ليبيا يُقتلون اليوم في الشوارع من قبل النظام؛ ولكانت الأمم المتحدة قد حافظت على بعض من شرعيتها الأخلاقية". ضعف دبلوماسي تحت عنوان "الامبراطورية الأميركية بدأت تغرق"، وفي مقاله المنشور يوم الاثنين بصحيفة "يديعوت أحرنوت"، اعتبر الصحفي الإسرائيلي "يارون لندن" أن تصويت الولايات المتحدة يوم الجمعة ضد قرار يندد بالمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية يبرز "الضعف الدبلوماسي" لحليفة إسرائيل الكبرى، الولايات المتحدة. ضعف يقابله صعود متزايد لقوى دولية أخرى مرشحة لأن تنال عضوية دائمة في مجلس الأمن الدولي، وبخاصة الهند واليابان والبرازيل، "التي من المؤكد أنها ستنضم"؛ ولكنها دول لا يمكن لإسرائيل أن تعتمد عليها من أجل الدفاع عنها في مجلس الأمن الدولي على النحو الذي تقوم به الولايات المتحدة اليوم، وذلك لجملة من الاعتبارات، ومن ذلك أن اليهودية ليست أحد روافد ثقافتها، وأن أقلية يهودية غنية ونافذة لا تعيش هناك، وأن "الهولوكوست" لا تضغط على ضميرها الجماعي، وأن الحركات الإسلامية لا تهدد سكانها الكثيرين. ويرى "لندن" أن أكبر مؤشر على تراجع قوة الولايات المتحدة هو دينها المتزايد إذ يقول: "إن أميركا في الوقت الراهن مثقلة بالديون، ومن المستبعد أن يستطيع حتى حفدة الأميركيين الذين يعيشون اليوم تسديده". وإضافة إلى الدين الكبير المستحق على أميركا، يشير الكاتب إلى إنفاقها العسكري الضخم الذي يواصل الارتفاع بمعدل أعلى بكثير من معدل النمو الاقتصادي؛ حيث تضاعف حجم الإنفاق العسكري الأميركي خلال العقد الماضي ليصل إلى نحو 900 مليار دولار. والأدهى هو أنه بالتوازي مع تراجع القوة الاقتصادية النسبية لأميركا في العالم، فإن نصيبها من حجم الإنفاق العالمي على الدفاع ما فتئ يتزايد بحيث بات اليوم يعادل قرابة نصف ما ينفقه العالم أجمع على الدفاع. فالصين مثلاً تنفق نحو 6.6 في المئة من الإنفاق العالمي الإجمالي على الدفاع، مقابل 4.25 في المئة لفرنسا، و3.5 في المئة لروسيا. نتنياهو يرد الجميل في مقال تحليلي بعدد أمس الثلاثاء من صحيفة "جيروزاليم بوست"، اعتبر "هُرب كينون" أن نتنياهو قطع شوطاً كبيراً نحو تبني فكرة دولة فلسطينية في بيان صدر مساء السبت عن مكتبه، مرجحاً أن يكون ذلك نوعاً من "رسالة شكر" على الموقف الداعم الذي وقفته الولايات المتحدة في مجلس الأمن الدولي تجاه إسرائيل يوم الجمعة. ومما جاء في نص هذا البيان أن "إسرائيل تقدر كثيراً قرار أوباما معارضة قرار مجلس الأمن الدولي أمس... إن إسرائيل ملتزمة بتحقيق سلام شامل مع كل جيرانها، ومن ذلك الفلسطينيون. إننا نسعى إلى حل يوفق بين تطلعات الفلسطينيين المشروعة إلى قيام الدولة وحاجة إسرائيل إلى الأمن والاعتراف". وقال الكاتب إن هذه هي المرة الأولى التي يخرج فيها نتنياهو ويدعم قيام دولة فلسطينية بمثل هذه العبارات الواضحة والصريحة، معتبراً أن البيان غير منفصل على الأرجح عن موافقة الولايات المتحدة على استخدام الفيتو ضد القرار المندد بالاستيطان. وفي هذا الإطار، يوضح الكاتب أن إشارة نتنياهو إلى دولة فلسطينية في خطاباته وتصريحاته السابقة كانت ضمنية وفضفاضة، وأبرزها الخطاب الشهير الذي ألقاه في جامعة بار إيلان في يونيو 2009، وأشار فيه إلى موافقته على حل الدولتين، ولكن بلغة لم تكن بالوضوح الذي كانت عليه لغة بيان السبت. إعداد: محمد وقيف