يزداد الأميركيون سمنة على نحو متواصل. هذه هي الخلاصة التي توصل إليها تقرير شامل عن أزمة السمنة في أميركا، استند على إحصائيات رسمية تبين أنه خلال الفترة 2008 - 2010 شهدت 16 ولاية أميركية من الولايات الكبيرة زيادات حادة في سمنة البالغين، في حين لم تشهد ولاية واحدة انخفاضاً في معدل السمنة بين سكانها. وفي الوقت نفسه، هناك دلائل تشير إلى إمكانية حدوث زيادات ملحوظة في معدلات الإصابة بالسكر من النوع (ب)، وكذلك معدلات الإصابة بارتفاع ضغط الدم بسبب زيادة معدلات السمنة، والتقاعس عن ممارسة الرياضة والميل إلى نمط حياة يقوم على الراحة والجلوس لساعات طويلة أمام شاشات التلفزيون وتناول كميات كبيرة من الأطعمة ذات المحتوى الدهني العالي مثل المكسرات، كما جاء أيضاً في تقرير آخر عن مخاطر الدهون نشر مؤخراً في الولايات المتحدة. وقد جاء في التقرير الأول أيضا أن سكان ولاية كولورادو الذين كانوا يعدون أكثر سكان أميركا نحافة بدأوا هم كذلك في مراكمة الدهون في أجسامهم. إلا أن هذه الولاية، مع وصول نسبة البدناء فيها إلى 19.8 في المئة من إجمالي السكان، وبذلك تظل هذه الولاية بمثابة العربة الأخيرة في القطار الأميركي الذي يتحرك بصعوبة بالغة بسبب حمولته الزائدة حاملًا الأمة الأميركية إلى "أرض الدهون"، لأنها الولاية الوحيدة التي تقل نسبة البدناء من إجمالي سكانها عن 20 في المئة. إلا أن ذلك لم يحل دون زيادة البدناء في الولاية خلال السنوات الأربع الماضية بشكل ملحوظ، كما ارتفعت حالات الإصابة بمرض ارتفاع ضغط الدم فيها بنسبة كبيرة بلغت 21.2. والتقرير الذي أشرفت على إعداده "مؤسسة وود جونسون وصندوق العمل من أجل صحة أميركا" هو التقرير السنوي السادس الذي تصدره هذه المؤسسة عن حالة السمنة في مختلف الولايات (يخصص تقرير كل عام لولاية معينة وقد تم تخصيص تقرير هذا العام لولاية كولورادو). وجاء في التقرير أيضا أن معدلات السمنة للبالغين في الولايات المتحدة قد تضاعفت في 17 ولاية، وأنه منذ عقدين فقط لم تكن هناك ولاية واحدة في الولايات المتحدة يزيد فيها معدل سمنة البالغين على 15في المئة من إجمالي سكانها، أما الآن فإن جميع الولايات قد تجاوزت هذا المعدل. ويزيد "جيفري ليفي"، المدير التنفيذي لـ"صندوق صحة أميركا"، الأمر توضيحاً بقوله: "عندما ننظر إلى ظاهرة السمنة سنلاحظ أن معدلها يزداد بشكل سنوي. وإذا ما عدنا إلى الوراء جيلًا واحداً فقط وتتبعنا المسألة بشكل سنوي فسندرك إلى أي حد ازدادت هذه الظاهرة تفاقماً وكيف وصلنا إلى الوضع الذي نحن فيه الآن". ويقول "ليفي" أيضاً إن الخروج من هذه المشكلة لن يكون بالأمر الميسور بحال. ويحدد التقرير المذكور مجموعة واسعة من الإجراءات التي يتعين اتباعها منها تشجيع ممارسة الأنشطة البدنية في المدارس، وتشجيع البالغين على الخروج وممارسة الرياضة، وزيادة درجة القدرة على الوصول إلى الأغذية الصحية، واستخدام "استراتيجيات تسعير" لتشجيع الأميركيين على اتخاذ قرارات غذائية أفضل. يقول "كيلي.دي. براونيل" مدير مركز "راد" للسياسات الغذائية والسمنة بجامعة "ييل" تعقيباً على هذا الأمر: "ما لم تتصدَّ الحكومة لممارسات صناعة الأغذية فسنستمر في رؤية هذه المعدلات المخيفة التي رأيناها في التقرير المعني" ويضيف براونيل: "إن هذه المعدلات تكشف أننا نواجه حالة طوارئ، وأننا يجب أن نتحلى بالمزيد من الشجاعة والعزم الذي يمكننا من القيام بأكثر مما نقوم به بالفعل". وفي هذا المقام يمكن للحكومة أن تبدأ بتغيير نظام الإعانات الممنوحة للمزارعين الذي يساعد الشركات على الاتجاه إلى تصنيع الأغذية غير الصحية لأنها تحقق أرباحاً طائلة، والتحول بدلاً من ذلك إلى نظام آخر يتم فيه وضع قيود على تسويق الأغذية غير الصحية، ووضع سياسات مالية تهدف إلى تخفيض تكلفة الأغذية الصحية وزيادة تكلفة الأغذية غير الصحية. وتشير كافة الأبحاث والدراسات التي أجريت حول موضوع البدانة في الولايات المتحدة إلى أن أكثر الفئات التي تتعرض للتأثيرات الضارة للبدانة مقارنة بغيرها من فئات المجتمع، هي فئة الأميركيين الأقل تعليماً والأقل دخلًا حيث إن هاتين الفئتين لا تجدان عادة الوقت الكافي لممارسة الأنشطة الرياضية، كما أن نوعية الأغذية التي يتناولها أفرداهما كثيراً ما تكون غنية بمحتواها الدهني. وتشير تلك الدراسات أيضاً إلى أن معظم تلك الفئات يتركز في الأقليات الأميركية مثل الأميركيين الأفارقة من البالغين حيث تزيد نسبة البدانة بينهم على 40 في المئة في 15 ولاية، كما تزيد أيضاً على 30 في المئة في أوساط اللاتين في 23 ولاية. وبموازاة مع ذلك نجد أن نسبة البدانة بين الأميركيين البيض قد زادت على 30 في المئة في أربع ولايات أميركية فقط ولم تتجاوز 32.1 في أي ولاية. وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن ثلث عدد المتسربين من مراحل التعليم المختلفة هم من البدناء مقارنة بـ21.5 فقط لدى المتخرجين من الجامعات أو المعاهد الفنية وبالنسبة للأطفال نجد أن الصورة -من واقع التقرير المعني- أفضل قليلاً مقارنة بالبالغين، كما يقول د. فرانكاين كاوفمان أخصائي سمنة الأطفال في مستشفى لوس أنجلوس الذي يقول إن "الأطفال في المجمل يحافظون على ثبات أوزانهم". ويضيف كاوفمان أن الرسالة الواضحة التي ينقلها التقرير المذكور هي أن أكبر ضحايا السمنة يأتون من بين الفئات محدودة الدخل والأقليات وهو ما يؤشر على أن هناك حاجة إلى برامج مساعدات كبيرة لتلك الفئات أكثر من غيرها. يشار إلى أن التقرير يستند على مسح يتم إجراؤه سنويّاً لقياس الكيفية التي يؤثر بها سلوك الأميركيين على صحتهم تقوم به كلية الصحة العامة بجامعة ميتشجان، ويعتمد على بيانات متحصل عليها من 1.2 مليون من البالغين الأميركيين. ويتم تقسيم النتائج التي يتم التوصل إليها حسب الولايات وحساب متوسطها لمدة ثلاث سنوات. ------- ميليسا هيلي كاتبة أميركية متخصصة في شؤون العلوم والتقنية ------ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "أم. سي. تي إنترناشيونال"