رذاذ فضيحة مردوخ يطال كاميرون... وصرخة من أجل إنقاذ أوروبا التداعيات الخطيرة التي نشأت عن فضيحة التنصت على الهواتف من قبل إحدى المؤسسات الإعلامية التابعة للقطب الإعلامي مردوخ، وتفاقم أزمة "اليورو" بعد ظهور مؤشرات على تعرض إيطاليا لخطر الإفلاس، والعلاقة بين رئيس الوزراء البريطاني ومسؤولي مؤسسات مردوخ الإعلامية... موضوعات حظت باهتمام واسع النطاق من الصحف البريطانية الصادرة هذا الأسبوع. إزالة الوصمة في مقاله بـ"الأوبزرفر" يوم الأحد الماضي تحت عنوان:"إبعاد مردوخ هو الخطوة الأولى نحو تنظيف الإعلام البريطاني"، يذهب "هنري بورتر" إلى أن فضيحة التنصت التي تورطت فيها إحدى كبريات الصحف التابعة للقطب الإعلامي الشهير "روبرت مردوخ"، وهي صحيفة "نيوز أوف ذي وورلد" العريقة قد كشفت النقاب عن تغلغل نفوذه في الصحافة والإعلام البريطاني، وتدق ناقوس الخطر وتدعو أي سياسي بريطاني معتز بوطنه حقاً أن يتحرك من أجل العمل على التخلص من نفوذ هذه الإمبراطورية المتغلغلة. ويقول إنه شخصياً قد ذهل بسبب المدى التي ذهب إليه المتورطون في هذه الفضيحة حيث لم يتورعوا عن التنصت على هواتف جنود وضباط سقطوا في حربي العراق وأفغانستان، وكذلك على هاتف طالبة تعرضت لجريمة قتل ما يستدعي إجراء تحقيق شامل لمعرفة النفوذ المدمر الذي يمارسه "مردوخ" في الإعلام البريطاني. وهو يثني في هذا السياق على الخطوات التي اتخذت خلال الأسبوع الماضي ومنها التخلص من "روبيكا بروكس"، وإفشال المخطط الذي كان يعده مردوخ للاستحواذ على مؤسسة "بي سكاي بي" البريطانية، ومطالبته بالمثول، هو وابنه أمام البرلمان البريطاني. ولكنه يطالب بالمضي إلى ما هو أبعد من ذلك والتحرك نحو اتخاذ الخطوات الضرورية لفك قبضة مردوخ على الإعلام البريطاني، الذي يمتلك الرجل ما يقرب من 40 في المئة من صحفه مع العمل في الوقت نفسه، على إعداد منظومة تشريعية متكاملة، تعمل على توفير الحماية لخصوصية المواطن البريطاني، وتضمن عدم انتهاك حرياته من خلال اختراقات مثل تلك التي قام بها صحفيو "نيوز أو ف ذي ورلد". ويثير الكاتب نقطة مهمة في هذا السياق، وهي أن الأمر يستدعي التحقيق في مجريات وإجراءات الانتخابات السابقة، خصوصاً الإلكتروني منها لمعرفة ما إذا كانت هناك أي تسريبات أو اختراقات غير قانونية، خصوصاً أن الشرطة كما أثبتت التحقيقات كانت متورطة في فضيحة "مردوخ وهو ما دعا مؤخراً لاستقالة مدير شرطة "سكوتلانديارد" على خلفية الفضيحة. ويوجه الكاتب في النهاية انتقادات لاذعة للنخبة السياسية البريطانية والمسؤولين البريطانيين، الذين كان يجب أن ينخرطوا في نقاشات مركزة حول النقطة، التي وصل إليها الإعلام البريطاني، وكيف أن الأجهزة والوسائل الإعلامية قد باتت بعيدة عن سيطرة البريطانيين. ويقول إنهم بدلًا من أن يفعلوا ذلك، وهو ما كان يجب أن يمليه عليهم ضميرهم راح كل واحد منهم يبحث له عن ملاذ أو عذر ينقذ به جلده. ويشدد الكاتب على أنه في حالة اتخاذ أي إجراءات حمائية جديدة، فإن تلك الإجراءات يجب ألا تمس حرية الصحافة البريطانية من قريب أو بعيد على أساس أن تلك الحرية كانت دوماً من المفاخر التي تتباهى بها البلاد على وجه الدوام. تفاقم الأزمة في افتتاحيتها الاثنين الماضي تحت عنوان:"إنقاذ اليورو يعني إنقاذ أوروبا كلها"، ذكّرت الـ"فاينانشيال تايمز" قراءها بأنه في بدايات هذا العام، كان صناع السياسة في أوروبا يصورون المعركة التي يخوضونها من أجل احتواء أثار أزمة الديون السيادية على أنها تمثل تحدياً شاقاً، ولكنه مع ذلك ليس من النوع الذي لا يمكن مواجهته أو التغلب عليه حيث أن بالإمكان محاصرته داخل نطاق الاقتصادات الصغيرة في أوروبا مثل الاقتصاد اليوناني والبرتغالي والأيرلندي. أما بالنسبة لباقي دول أوروبا - هكذا كان يرى الساسة- فإن اتباع مزيج من إجراءات التقشف المعقولة، وإجراء بعض الإصلاحات في مجال الحوكمة الرشيدة، ومراجعة اتفاقية الاتحاد الأوروبي الحاكمة، كفيل في حد ذاته بتحقيق المراد وتجنب المخاطر. غير أن المعركة من أجل "اليورو" تدخل الآن من وجهة نظره إلى مرحلة شديدة الخطورة بعد أن تبين أن إيطاليا ومن قبلها إسبانيا لم تكونا مُحصنتين ضد الإصابة بالأمراض التي أصيبت بها اليونان والبرتغال وإيرلندا كما كانت تدعيان وتدعي السلطات المسؤولة في بروكسل. فهذه الادعاءات كما تثبت تقلبات واهتزازات أسواق المال في مختلف أنحاء أوروبا هذه الأيام لم تكن إلا وهماً من الأوهام. فبدخول إيطاليا(ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو) وإسبانيا (رابع أكبر اقتصاد) إلى قائمة الدول المعسرة اقتصادياً، والتي تواجه أزمة في سداد الديون المستحقة عليها، فإن ذلك يعني عملياً أن ثلث منطقة "اليورو"، باتت غير موثوق بها للدرجة التي تدعو المؤسسات المصرفية لعدم منحها ديون إضافية. وحتى في حالة منحها لمثل تلك الديون التي ستحتاجها حتماً لسداد ديون سابقة مستحقة عليها، فإنها لن تحصل عليها إلا بنسبة فائدة مرتفعة تتجاوز بكثير نسبة الفائدة التي يتم بها الإقراض للدول ذات المصداقية الائتمانية. والخطورة لا تقتصر على ذلك، فهذا الوضع كفيل بتعريض البنوك الأوروبية ذاتها، ونظامها الإقراضي التي تتبعه مختلف الدول سواء في أوروبا أو غير أوروبا، لخطر كبير يعرضها، ويعرض الاقتصاد الأوروبي بأسره لخطر لا يمكن التنبؤ بعواقبه. ويدعو الكاتب قادة أووربا- وليس وزراء ماليتها فقط - للعمل من أجل اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لإنقاذ "اليورو" وإنقاذ أوروبا، ويدعوهم لأن يدركوا جيداً أن أخطار العجز عن العمل الذي طالما حذر بعضهم منه، ستكون وخيمة للغاية بالنسبة للقارة كلها هذه المرة. العاصفة النارية في افتتاحيتها يوم الاثنين الماضي تحت عنوان" لقد حان الوقت الآن كي يكون ديفيد كاميرون شفافاً"، أشارت "الديلي تلغراف" إلى التوجيه الذي أصدرته مؤخراً وزيرة الداخلية البريطانية على إثر استقالة اثنين من كبار رجال الشرطة في بريطانيا - أحدهم هو "بول ستيفنسون" قائد شرطة العاصمة - إلى الجهة المختصة في وزارتها بإجراء تحقيق حول طبيعة العلاقة التي كانت قائمة بين الشرطة والإعلام على ضوء ما قيل عن تلقي رجال الشرطة رشى من الإعلاميين مقابل معلومات. وترى الصحيفة أن هذا الإجراء بالإضافة إلى إجراءات أخرى تخطط الحكومة البريطانية لاتخاذها، تهدف كلها لاستباق أزمة قد تصيب الحكومة في مقتل. وأشارت الصحيفة إلى أن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون كان على حق بالتأكيد عندما وصف تلك السلسلة من الأحداث والفضائح التي تكشفت بشأن التنصت على الهواتف في بريطانيا من قبل إحدى أكبر الصحف التابعة لإمبراطورية مردوخ الإعلامية في بريطانيا بأنها عبارة عن "عاصفة نارية"، لأن العواصف النارية - وهو ما لا يعرفه كاميرون - لا يمكن التنبؤ بمسارها، ولذلك فإنه عندما كان يصف الأحداث بتلك الصفة، لم يكن يدري أن تلك العاصفة النارية سوف تصيب أبواب 10 "دواننج ستريت" في نهاية المطاف. لمزيد من التوضيح تقول الصحيفة إنه فإذا ما كانت الحاجة تدعو بالفعل كما قالت وزيرة الداخلية إلى أجراء تحقيقات حول العلاقة بين الشرطة والإعلام، فإن المنطق يدعو أيضاً إلى أجراء تحقيق مماثل لمعرفة طبيعة علاقة الحكومة، ورئيس الوزراء على وجه الخصوص، مع الإعلام. وتذكر الصحيفة أن "كاميرون" قد أدلى بالعديد من التصريحات حول فضيحة التنصت كان يتحدث فيها دوماً عن ضرورة مراعاة الشفافية، وهي - الصحيفة - تطالبه الآن بأن يكون شفافاً ويكشف عن طبيعة العلاقة التي كانت تربطه مع رؤساء مؤسسة "نيوز إنترناشيونال" التابعة لمردوخ وعلى وجه الخصوص السيدة "ربيكا بروكس"، التي تفيد تقارير أن "كاميرون" وزوجته كان ضيفين عليها في منزلها بمناسبة الكريسماس. وترى "الديلي تلغراف" أن هذه الزيارة ليست زيارة خاصة بحال كما يمكن أن يذهب إلى ذلك المدافعون عن "كاميرون"، وإنما هي شأن عام يهم الجمهور البريطاني، لأن مؤسسة "مردوخ" التي كانت ترأسها "بروكس" كانت قد تقدمت بعطاءات للاستحواذ على شركة "بي سكاي بي" العملاقة، وكان لحكومة "كاميرون" دور كبير في تحديد إذا كان ذلك الاستحواذ يمكن السماح به أم لا. وطالبت الصحيفة "كاميرون" بتقديم تقرير كامل عن كافة الارتباطات الاجتماعية التي تربطه بـ"بروكس" وغيرها من مسؤولي "نيوز انترناشيونال" التنفيذيين إذا كان حقاً يبحث عن الشفافية. إعداد: سعيد كامل